المسيح نهاية الشريعة

مقدمة

خلال الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر، بُذلت جهود عظيمة لترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات المحلية للقارة الأوروبية. حتى هذا الوقت، سُمح لترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية فقط، اللغة الدينية للكنيسة الكاثوليكية.

تُرجم الكتاب المقدس في جنيف من قبل لاهوتيين جدد من إنجلترا في جنيف – سويسرا لأن ملكة إنجلترا في ذلك الوقت، ماري الأولى، منعت ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الإنجليزية.

أُكمِلَت ترجمة الكتاب المقدس في جنيف في سنة 1550، واعتُبر واحداً من أفضل ترجمات الكتاب المقدس الإنجليزية في التاريخ.

كتب جون كالفن، والذي كان القائد الروحي الرئيسي في جنيف في ذلك الوقت، وواحداً من اللاهوتيين البارزين في العالم – كتب المقدمة لترجمة جنيف للكتاب المقدس.

أدناه هو اقتباس من مقدمة كالفن، حيث يذكرنا أن كل الكتاب المقدس يوجهنا نحو يسوع المسيح والغِنى الذي لنا فيه. كانت مقدمته تحت عنوان “المسيح، نهاية الشريعة”

المسيح نهاية الشريعة

وضع المسيح نفسه ليرفعنا. جعل نفسه عبداً ليحررنا. افتقر ليُغنينا. بيع ليشترينا. أصبح أسيراً ليخلصنا من العبودية. أُدين ليضمن لنا العفو. جُعِل لعنة لكي نتبارك. أًصبح ذبيحة الخطايا لتبريرنا. تشوّه وجهه ليجمّلنا. مات لكي ننال الحياة.

به، لانت القسوة، وهدأ السخط، وجُعِلت الظلمة نوراً، وتحول الإثم إلى بر، والضعف تحوّل إلى قوة، وأصبح لليأس عزاء، وتمت مقاومة الخطيئة، احتُقِر العار، وأًصبح الخوف جرأة، ودُفع الدين وخفَّ العمل، وتحوّل الحزن إلى فرح وسوء الحال إلى بركة، وأصبحت الصعوبات سهلة، وتحولت الفوضى إلى نظام والانقسام إلى وحدة، وتم تزيين الإذلال، ورُفض التمرد، وتم تهديد الخطر، ونُصِب الكمين للكمين، وتم الاعتداء على التعدّي، وغُلِب الكفاح، وشنّت الحرب على الحرب، وتم الانتقام للنقمة، وتم تعذيب العذاب، وأدينت اللعنة، ودُمّر الهدم، واحترقت الجحيم، وقُتِل الموت، وتحول الموت إلى خلود.

باختصار، ابتلعت المحبة كل بؤس، والصلاح كل شقاء. لأن كل تلك الأمور التي كانت سابقاً أسلحةً يستخدمها الشيطان لمهاجمتنا قد تحولت إلى أدواتٍ تمكّننا من استمداد الخير منها. لكي ما نفتخر مع الرسول القائل “أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟” (1كورنثوس 15: 55)

وهكذا، بالروح القدس الذي وعد به المسيح مختاريه، لم نعد نحيا بعد وإنما المسيح يحيا فينا. ونحن جالسون بالروح في أماكن سماوية إلى أن يزول العالم لأن حياتنا فيه. ونحن راضون أياً كان بلدنا أو مكاننا أو حالتنا أو ملابسنا أو طعامنا. نحن هانئون في الضيق وفرحون في الحزن، ومتمجِّدون تحت الإساءة، ومكتفون في الفقر، ودافئون برغم العري، وصبورون أمام الشر، وفي الموت نعيش.

هذا هو كل ما ينبغي أن نبحث عنه في الكتاب المقدس: أن نتعرف جيداً بيسوع المسيح، والغنى الأبدي الذي لنا فيه والذي قُدِّم لنا من الله أبيه.

جون كالفن، المسيح نهاية الشريعة

1550، جنيف، سويسرا

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8