ما هي نواحي تفرّد الانجيل؟

كلمة الإنجيل تعني ببساطة “الخبر السار”. ويستخدم الكتاب المقدس هذا المصطلح للإشارة إلى الرسالة القائلة بأن الله قد أوفى بوعده بأن يرسل مخلصًا لينجّي المنكسرين، ويستعيد مجد الخليقة، ويملك على الكل برأفة وعدل. ولهذا السبب فإن موجزًا جيدًا للإنجيل يمكن أن يكون: “أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ” (1 تيموثاوس 1: 15).

إن إنقاذ الله، واسترداده، وملكه هي أمور تخص حالتنا الروحيّة، لكنها لا تقتصر على الوقائع الروحيّة فحسب. فإن إلهنا يخلّص شعبه من خلال يسوع المسيح من العواقب الأبديّة لخطية الإنسان التي وصل تأثيرها إلى كل شيء. فإن خلاصنا يشملنا نحن، لكنه أيضًا أكبر وأوسع منّا.

وقبل أن نستكشف المزيد من هذه الحقائق الرائعة، يلزمنا أن ندرك أن الكتاب المقدس لا يبوق بهذه الحقائق فقط لإبهارنا. فالله يعلن هذه الحقائق حتى يتسنّى للخطاة مثلك ومثلي أن يتحرروا إلى الأبد من ذنب الخطية وسلطانها، بالإيمان بالخبر السار القائل بأن يسوع هو الرب الذي يأتي ليخلصنا.

يملأ هذا الإنجيل المؤمنين بالاتضاع والرجاء، وبالوداعة والجرأة، على نحو فريد. فإن الإنجيل يختلف اختلافًا ملحوظًا عن الديانات التقليديّة كما عن العلمانيّة. فإن الديانات تعمل بناء على مبدأ “أنا أطيع، إذن أنا مقبول”، لكن مبدأ الإنجيل هو: “أنا مقبول بالمسيح، إذن أنا أطيع”. وهكذا يختلف الإنجيل عن كل من التدين واللا دينيّة. يمكنك أن تسعى كي تكون “الرب والمخلص” لنفسك بكسرك لشريعة الله، لكن أيضًا يمكنك أن تفعل هذا بحفظك للشريعة كي تربح بهذا خلاصك.

فإن اللا دينيّة والعلمانيّة يميلان إلى تضخيم التشجيع الذاتي “للثقة بالنفس”، وتقديرها، دون خضوع للنقد؛ أما التديّن والمتدين فهما يسحقان البشر تحت الشعور بالذنب من جراء المعايير الأخلاقيّة التي يستحيل الحفاظ عليها. لكن الإنجيل في المقابل يجعلنا نتضع، وفي نفس الوقت يثبّتنا، بما أن كل واحد منا هو في المسيح بار، ومازال خاطئ في الوقت ذاته. فإننا فاسدون وخطاة أكثر مما جرؤنا يومًا على التصديق، ومع ذلك وفي الوقت نفسه نحن محبوبون ومقبولون أكثر مما جرؤنا يومًا على أن نرجو.

تميل العلمانيّة إلى جعل الناس أنانيين وفرديين. أما التديّن والمتدين فهما بوجه عام يميلان إلى جعل الناس قبائليّين، مظهرين برهم الذاتي من نحو جماعات أخرى (بما أن خلاصهم، كما يعتقدون، قد تم نواله من خلال إنجازاتهم). لكن إنجيل النعمة، المتمحور حول إنسان مات عنّا ونحن بعد أعداء، فهو في المقابل يبيد البر الذاتي والأنانيّة، ويوجّه أعضاءه نحو خدمة الآخرين لأجل الازدهار الزمني للجميع، وخاصة الفقراء، ولأجل خلاصهم الروحي أيضًا. فهو يدفعنا نحو خدمة الآخرين بغض النظر عمّا يستحقونه، كما خدمنا المسيح (مرقس 10: 45). فإن العلمانيّة والتديّن يجعلان الناس مطابقين للمعايير السلوكيّة من خلال الخوف (من العواقب) والكبرياء (رغبة في تعظيم الذات). أما الإنجيل فهو يدفع الناس إلى القداسة والخدمة بدافع فرح ممتن بالنعمة، وبدافع محبة لمجد الله لأجل الله ذاته.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8