تعلم كيف تفكر

عندنا مشكلة في التفكير.

التفكير هو جزء من العبادة المسيحية. فقد أعطانا الله الذهن لنستخدمه، وعندما نفعل ذلك فإننا نعبد الله (متى 22: 37). أسمى أشكال التفكير هو التأمل والتفكير العميق في الطبيعة وشخص الله (مزمور 27: 4).

معرفة الله عميقة جداً وسنقضي بقية أعمارنا نتعلم عن شخصه بوضوح أعظم بدون إرهاق سعينا لمعرفته. لا تستطيع أذهاننا المحدودة إدراك مَن هو الله. لكن هذا لا يعني أن علينا التوقف عن محاولة معرفته بشكل أفضل.

نستخدم في الفلسفة مصطلحات مثل التناقض والمفارقة واللغز.

هنالك الكثير من الأمور في هذا العالم تشكّل ألغازاً بالنسبة لنا. مثل الجاذبية على سبيل المثال. فنحن نعرف ما تفعله، ونعرف تأثيرها، لكننا لا نعرف ما هي أو كيف تعمل أو لماذا هي موجودة. فهذا لغز بالنسبة لنا إنما ليس تناقضاً.

أو خذ المادة السوداء مثالاً آخر. فنحن نعرف أنها موجودة لا محالة ويمكننا أن نرى تأثيرها على حركة المجرات أثناء دورانها حول محاورها إلا أننا لا نملك السُّبُل لقياسها أو اختبار وجودها. إنها لغز بالنسبة لنا لكنها ليست تناقضاً.

التناقض هو أمر يخرق قانون عدم التناقض. ينص “قانون عدم التناقض” أن لا يمكن لشيء أن يكون شيئاً ما وليس شيئاً ما في ذات الوقت وفي نفس العلاقة مع ذاته. يمكنني أن أكون أباً وابناً لكن لا يمكنني أن أكون أباً وابناً في ذات الوقت وفي نفس العلاقة؛ إذ لا يمكنني أن أكون أبي أو ابني، فهذا تناقض واضح. لا يمكن فهم التناقض لأنه يبدو لا منطقياً

المفارقة هي أمر يصعب يفهمه إذ يبدو للوهلة الأولى تناقضاً، لكن عند تفحصه عن كثب يمكننا أن نرى المنطق وراءه. لنأخذ المثال أعلاه، يمكنني أن أكون أباً وابناً في ذات الوقت لكن ليس في ذات العلاقة. يمكنني أن أكون أباً في فئة وابناً في فئة أخرى. يبدو هذا تناقضاً في البداية لكن عند تفحص الأمر يمكننا القول أنه أمر منطقي.

فمثلاً، يعلم يسوع المسيحمَن أضاع حياته من أجلي يجدها” (متى 10: 39). يبدو هذا تناقضاً لكن ما عناه المسيح هو أنه إن أضاع أحد حياته في اتجاه/إدراك ما فإنه سيجدها في اتجاه/إدراك آخر. لأن الفقد والإيجاد يقعان في اتجاهين/منطقين مختلفين. إذاً، لا يوجد تناقض.

اللغز هو أمر لا يمكننا فهمه، ليس لأنه تناقض بل لأننا ببساطة لا نملك الوسائل أو القدرة على إدراكه. على سبيل المثال، الله غير مخلوق وهو خارج المكان والزمان. هذا لغز بالنسبة لنا لأننا لا نملك نقطة مرجعية لفهمه، لكن هذا لا يعني أنه تناقض.

لا تقع عقيدة الثالوث المسيحية في هذه الفئة من التناقض لكنها مفارقة ولغز. إنها أمر لا يمكننا فهمه تماماً في هذه الحياة بسبب محدوديتنا ككائنات مخلوقة، لكن هذا لا يجعلها تناقضاً. في السماء، يعلم الكتاب المقدس، أننا سندرك ماهية الله فهماً أفضل (1 كورنثوس 13: 12). لذا دعونا نمضي حياتنا وطاقتنا في معرفة الله أكثر أثناء وجودنا في هذا العالم مع توقع عظيم بأننا سنتمتع به يوما ما في الفردوس عندما تتحرر أذهاننا من حدودنا الأرضية.

إن كنت ترغب بمعرفة المزيد عن هذا الموضوع أو أي مقال آخر ورد في هذا الموقع، لا تتردد بالتواصل معنا اليوم.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8