لا سلام بل سيف؟

ماذا قصد يسوع عندما قال: “لم آتِ لأعطي سلاماً بل سيفاً!”؟

أقوال يسوع الصعبة

لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً، بَلْ سَيْفاً!” (متى 10: 34)

هذه مقولة مفزعة ومربكة نسمعها من يسوع المسيح. فنحن نعرف المسيح بأنهرَئِيسَ السَّلامِ، وأنهوَلا تَكُونُ نِهَايَةٌ لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ وَلِلسَّلامِ(إشعياء 9: 6-7). نتذكر كيف ظهر الملاك للرعاة الذين كانوا يحرسون قطعانهم أثناء الليل وأعلن: “لا تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَعُمُّ الشَّعْبَ كُلَّهُ: فَقَدْ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. … وَفَجْأَةً ظَهَرَ مَعَ الْمَلاكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ، يُسَبِّحُونَ اللهَ قَائِلِينَ: «الْمَجْدُ لِلهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ؛ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ!” (لوقا 2: 10-11، 13-14). عندما نفكر بيسوع المسيح نتذكر وعده بإعطائنا سلامه؛سَلاماً أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلامِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. فَلا تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ، وَلا تَرْتَعِبْ.” (يوحنا 27:14)

هذه هي وعود السلام التي نتذكر تنبؤ الأنبياء بها وإعلان الملائكة وصولها وضمان يسوع المسيح نفسه منحها لنا، نحن أتباعه.

فإذاً، لماذا قال يسوع المسيح: “لم أتِ لأعطي سلاماً بل سيفاً؟ هل يدعو المسيح أتباعه لخوض المعارك الجسدية ضد ممالك العالم؟

كلا، البتة.

قراءة بسيطة لسياق هذه الآية يعيد كل الأمر إلى نصابه الواضح بالنسبة لنا.

في الأصحاح العاشر من إنجيل متى، يرسل يسوع المسيح تلاميذه إلى مدن إسرائيل للكرازة بالأخبار السارة بأن المسيح، المخلِّص، قد جاء. وعدهم المسيح أن كل مَن يكرزون له سوف يكرههم في النهاية. “هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ الْخِرَافِ بَيْنَ الذِّئَابِ.” (الآية 16)،وَتَكُونُونَ مَكْرُوهِينَ لَدَى الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي(الآية 22). حذرهم يسوع المسيح أنه لو أبغضه العالم فإنه سيبغض أتباعه: “لَيْسَ التِّلْمِيذُ أفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلا الْعَبْدُ أفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ مِثْلَ سَيِّدِهِ! إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بِبَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالأَوْلَى يُلَقِّبُونَ أَهْلَ بَيْتِهِ؟(الآيات 25-24)

كما يذكر يسوع المسيح أتباعه المتألمين والمُضطهَدين أنفَلا تَخَافُوهُمْ(الآية 26)، ولَا تَخَافُوا الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْجِزُونَ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ(الآية 28). يذكرنا المسيح بعنايته اللطيفة لأتباعه المكروهين والمُساء إليهم من قِبَل العالم. “أَمَا يُبَاعُ عُصْفُورَانِ بِفَلْسٍ وَاحِدٍ؟ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى الأَرْضِ دُونَ عِلْمِ أَبِيكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شَعْرُ رُؤُوسِكُمْ كُلُّهُ مَعْدُودٌ. فَلا تَخَافُوا إِذَنْ! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ.” (الآيات 29 -31)

فإذاً، يمكنك أن ترى، أن المسيح يُنذر أتباعه بأنهم سيكونون مُبغَضين ومُهانين من العالم لأنهم أعضاء في مجتمعه. لكن عليهم ألا يخافوا، لأن المسيح نفسه تعرَّض للإساءة من العالم قبلنا، وهو سيعتني بنا أثناء معاناتنا بسبب إيماننا.

الآن تأتي الكلمات الواردة في أية السؤال: “لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِيَ سَلاماً، بَلْ سَيْفاً!” (الآية 34)

لكن فكرة المسيح لا تتوقف هنا، إذ يُكمل:

“…فَإِنِّي جِئْتُ لأَجْعَلَ الإِنْسَانَ عَلَى خِلافٍ مَعَ أَبِيهِ، وَالْبِنْتَ مَعَ أُمِّهَا، وَهَكَذَا يَصِيرُ أَعْدَاءَ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ! مَنْ أَحَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَكْثَرَ مِنِّي، فَلا يَسْتَحِقُّنِي. وَمَنْ أَحَبَّ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ أَكْثَرَ مِنِّي، فَلا يَسْتَحِقُّنِي. وَمَنْ لَا يَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّنِي. مَنْ يَتَمَسَّكْ بِحَيَاتِهِ، يَخْسَرْهَا؛ وَمَنْ يَخْسَرْ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي، فَإِنَّهُ يَرْبَحُهَا.” (الآيات 35-39)

كما ترى، يقول المسيح أن اتِّباعه سيضع سيفاً بينك وبين العالم، فحتى أفراد عائلتك سيبغضونك لاتِّباعه. فيسوع المسيح هو سيف فاصل. محبتك لهذا العالم، حتى لعائلتك، لا يمكن أن يغلبا محبتك ليسوع، وإذا كنت غير مستعد للموت (حمل صليبك) لأجل المسيح فأنت لا تستحق أن تتبعه. لأنك إذا كنت تحب حياتك أكثر من محبتك للمسيح فإنك ستخسر حياتك إلى الأبد.

يسوع المسيح هو السيف الفاصل العظيم الذي سيجعل العالم يبغضك. لكن سيكون لك سلام مع الله بالرغم من أن العالم سيبغضك لأتباعك يسوع المسيح.

لا يدعو يسوع المسيح أتباعه لحمل السيف والقتال؛ بل هو يقول إنه سيف فاصل يقطع حتى ضمن وحدة عائلتك.

تكلفة اتباع المسيح عالية، لكنه مستحق لها. إذا كنت لا تعرف كيف يمكنك حمل صليبك واتباع يسوع، تواصل معنا اليوم.