الإيمان والأمانة

يقيّم الكثير من المسيحيين حياتهم ويطرحون ذات الأسئلة: هل أفعل ما هو كافٍ؟ هل عندي ما يكفي من الانضباط والتكريس وهل أبذل ما يكفي من الجهد؟ هل ستساعدني المزيد من الصلوات وقراءة الكتاب المقدس أكثر على التغلب على صراعاتي؟

غالباً ما نفكر أن الله سيباركنا أكثر إن نحن فعلنا المزيد أو أدّينا بشكل أفضل. ربما لو صلينا أكثر أو أعطينا للفقراء أكثر أو كنا ألطف مع زملائنا في العمل أو ذهب إلى الكنيسة أكثر، عندها سيباركنا الله بسلام أكبر وسعادة أعظم وانتصار أقوى على الخطية.

أساس حياة المسيحي هو الإيمان فيما صنعه المسيح من أجلنا وليس أمانتنا لما أوصانا الله بفعله.

ماذا يعني هذا؟ وما هو الفرق؟

الإيمان هو قبول ما فعله الله لنا وتصديقه.

نحن نؤمن أن المسيح هو الله الأزلي الذي أصبح إنساناً وعاش حياة كاملة نيابة عنا وحقق كل ما يطلبه الله منا. كما نؤمن أن المسيح مات على الصليب من أجل خطايانا بأن قدم نفسه في موته ذبيحة كفارية من أجلنا. نؤمن أيضاً أنه يترتب على خطيتنا غضب الله العادل لكن المسيح أخذ مكاننا وتحمّل غضب الله من أجلنا. ونؤمن أن الله يغفر خطايانا بموت المسيح. ونؤمن بأن الله تبنّانا أبناءً له عند اتحادنا مع المسيح بالإيمان. ونؤمن كذلك أن الله حوّل الأعداء إلى أصدقاء من خلال حياة المصالحة التي عاشها المسيح وموته.

كما نؤمن أن المسيح قام من الموت بعد ثلاثة أيام معطياً علامة تامة لا شك فيها بأن التقدمة التي قدمها، أي نفسه، نيابة عنا  كانت مقبولة عند الله الآب. نؤمن أن المسيح صعد إلى السماء بالجسد وأن أجسادنا ستقوم أيضاً يوما ما لتتحد معه في السماء. نؤمن أن المسيح جالس الآن على يمين الآب ويحكم الكون. وأيضاً نؤمن أنه سيعود في يوم ما ليغلب الخطية والموت تماماً ونهائياً ويأخذنا لنكون معه في فرح تام إلى الأبد في السماء.

الإيمان بهذه الأمور هو جوهر إيمانك المسيحي

أياً كانت خلفيتك الدينية أو العِرقية أو الوطنية، فالإيمان بهذه الأمور المتعلقة بالمسيح يجعلك مسيحياً. لاحظ أن كونك مسيحياً ليس له أية علاقة بما تفعله بل بإيمانك بما فعله المسيح من أجلك.

إيمانك بهذه الأمور قد لا يكون تاماً. فإيمان بما فعله المسيح من أجلك قد يكون ضعيفاً ورجاؤك في عمل المسيح من أجل قد يكون مختلطاً بالخطية والشك، لكن قوة الخلاص في إيمانك تكمن في جوهر/موضوع إيمانك وليس قوته. بكلمات أخرى، قوة إيمانك هي المسيح ذاته وليس قوة إيمانك فيه.

الأمانة هي أمر نفعله، هي نتيجة إيماننا ولست إيماننا ذاته. الأمانة هي حصيلة إيماننا وليس إيماننا. الأمانة هي أن نعيش إيماننا وليست جوهر إيماننا.

أمانتنا نحو الله غالباً ما تكون ضعيفة وغير تامة وملطخة بالخطية ومتقلقلة. لأن الأمانة هي إطاعة الله بمحبة وتقديره فوق كل شيء آخر ومحبة الآخرين. كما أنها التعامل بلطف مع الآخرين ووضع ثقتنا في الله في الظروف الصعبة والصلاة وتجنب الخطية الجنسية وخدمة الآخرين بتواضع ومحبة الأعداء وفعل الخير نحو الفقير ومشاركة بشارة الإنجيل مع غير المؤمنين والعيش بطهارة … الخ.

الأمانة بتعبير آخر هي ما نفعله استجابة لإيماننا فيما فعله الله من أجلنا.

جمال البشارة هي أنها تدعونا لإشاحة النظر عن أمانتنا الشخصية والتركيز على أمانة المسيح نيابة عنا.

فرجاؤنا لا يكمن في أمانتنا بل في أمانة المسيح نحونا. فأمانتنا نحو الله ناقصة دائماً لذا يطلب منا أن نضع إيماننا ورجاءنا فيما صنعه هو من أجلنا وليس فيما نفعله نحن من أجله ومدى قدرتنا على فعله بشكل جيد.

تطلب منك كل ديانة أخرى في العالم أن تركز على أمانتك نحو الله. لكن الإنجيل يدعونا لصرف النظر عن أمانتنا الذاتية وأن نجد راحتنا في أن المسيح قد فعل كل شيء من أجلنا. أمانة المسيح نيابة عنا تحررنا لكي نحب الله والآخرين من حولنا دون الشعور بالكبرياء إزاء نجاحنا أو الفشل إزاء فشلنا.

هل عندك إيمان في أمانة المسيح الكاملة نحو الله من أجلك؟

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8