هل أنكر المسيح كونه الله؟

 أقوال يسوع الصعبة


وَلكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: ”لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلّا وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ.“” (مرقس 10: 18)

يساء فهم هذا المقطع الكتابي عادة من كلٍّ من المسيحيين وأولئك الذين يريدون محاولة عدم الموافقة على ألوهية يسوع المسيح. يشير ناقدو كمال وألوهية المسيح إلى هذا المقطع قائلين: “أترون، لقد قالها بنفسه أنه ليس الله!” فيقرأون كلمات يسوع على هذا النحو: “لماذا تدعوني صالحاً؟ ليس صالحٌ سوى الله، وأنا لستُ صالحاً كما أني لست الله.” لكن هذا، بالطبع، تفسير ضعيف للنص ويكشف جهل فهمهم لما كان يسوع المسيح يقوله في الواقع.

عندما قال يسوع المسيح: “لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلّا وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُلم يكن يقول شيئاً بشأن ألوهيته أو صلاحه. فكما سنرى، كان يستخدم الفهم الخاطئ عند هذا الرجل لبره ليسحق اعتقاده بأنه فعل ما يكفي ليرث ملكوت السماء.

فالمسيح لا يقول إنه الله ولا ينكر أنه الله. فهو لا يحاول القول إنه صالح أو إنكار صلاحه. الهدف من عبارة المسيح كان موجهاً للرجل ذي البر الذاتي الذي كان يطرح الأسئلة.

هل ترى، اعتقد هذا الرجل أنه كان صالحاً بما يكفي ليرث ملكوت الله بسبب حفظه للشريعة والتزامه بها. فقبل آيتين، ظهر هذا الشاب الغني في المشهد وكان يسوع يقول لتلاميذه: “الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لَا يَقْبَلْ مَلَكُوتَ اللهِ كَأَنَّهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ، فَلَنْ يَدْخُلَهُ أَبَداً!.”

الفكرة التي يقولها المسيح هنا هي أنك لا يمكنك أن تكسب ملكوت الله. إذ لا يمكنك أن تشتريه أو تكسبه بأعمالك الصالحة، وإنما يمكنك الحصول عليه كهدية. يحصل الأطفال على بيت وطعام ومحبة من والديهم، ليس لأنهم استحقوا ذلك. فلا يفكر طفل ذي سبعة أعوام أنه يدفع الإيجار لوالديه لقاء امتياز العيش معهم. فالطفل إنما يستقبل هذه الأمور منهم: البيت وحجرته وسريره وملابسه وطعامه دون أن يساهم في شيء لاستحقاق أي منها. فهي كلها قد أعطيت له من قِبَل والديه، وهو أخذها عندما أعطيت له. هذا هو ما يقوله يسوع المسيح عن ملكوت السماء: يجب أن نقبله كطفل.

الآن، يأتي هذا الشاب الغني إلى يسوع المسيح راغباً في تعلم أو شراء ميراثه من الله من خلال طاعته. ويعرف يسوع هذا، لذا عندما يدعوه الشاب بالصالح، يقرر المسيح أن يستخدم نفس العبارة لسحق إحساس الشاب بالصلاح الكافي. لذا يقول يسوع المسيح: “لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلّا وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ“. وكأن المسيح قد قال له: “أنت تدعوني صالحاً لأنك تريد الفردوس بناءً على برّك. حسناً، سوف أخبرك أمراً: أنت لست صالحاً. في كل أعمالك الصالحة، في كل حفظ للشريعة، في كل مشاعرك بالتفوق الأخلاقي، أنت لست صالحاً. لا أحد صالح، ولا واحد. الوحيد الصالح في هذا العالم هو الله. لذا لماذا تدعوني صالحاً وأنت لا تعلم أدنى فكرة عن ماهية الصلاح؟

المسيح هو الله بالفعل لكن هذا ليس تركيزه هنا. فقد استمر المسيح في كشف الايمان الزائف عند هذا الشاب بأنه صالح بما يكفي للارتقاء إلى معايير كمال الله. “أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَاقال له يسوع المسيح،لا تَقْتُلْ؛ لَا تَزْنِ؛ لَا تَسْرِقْ؛ لَا تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ لَا تَظْلِمْ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ.” يأخذ يسوع المسيح الشاب هنا إلى اللائحة الثانية من الوصايا العشر، وهي جزء الشرائع التي توجهنا لكيفية التعامل مع بعضنا بعضاً. فأجاب الشاب: “هذِهِ كُلُّهَا عَمِلْتُ بِها مُنْذُ صِغَرِي.”

نظر الشاب إلى اللائحة الثانية من وصايا الشريعة وقال: “إنها سهلة جداً، وأنا أقوم بعمل عظيم. فأنا لم أرتكب أياً من هذه منذ كنت صبياً صغيراً.” وبدلاً من أن يحاول المسيح الكشف له أنه لا يفهم الشريعة بحق مثلما كان يعتقد، رفع ببساطة حرارة النقاش قليلاً وانتقل به إلى الوصية الأولىلَا يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى سِوَايَ(الخروج 20: 5)؛يَنْقُصُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌقال له المسيحاذْهَبْ، بِعْ كُلَّ مَا عِنْدَكَ، وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَعَالَ اتْبَعْنِي.”

عرف يسوع المسيح مكمن صراع الشاب تماماً؛ إذ كان قد جنى ثروة فجعلها وممتلكاته إلهاً له. فكل أمانه وكرامته وهويته كمنت في ثروته. لذا قال يسوع: “لا يزال لديك شيء واحد يقف في طريق وراثتك للحياة الأبدية: ثروتك. بع كل ما تملك واتبعني لتربح السماء نفسها.” لكن الشاب مشى حزيناً مبتعداً لأنه لم يتمكن من الافتراق عن إلههالثراء“. كل ما يسميه صلاحاً لم يمنعه من اكتناز ثروته أكثر من الأبدية مع الله في السماء.

اللؤلؤة ذات الثمن العظيم كانت أمامه، لكنه أدار ظهره له. كان مثل رجل رفض أن يبادل قطعة الخشب بمليار دينار. لقد اعتقد أن ممتلكاته كانت أثمن من يسوع المسيح. ففضّل حسابه البنكي على غِنى ملكوت الله.

استخدم يسوع المسيح الاعتقاد الخاطئ عند هذا الشاب بأنه صالح ليُظهر له مدى تعاسته كخاطئ وكم كانت حاجته ماسة إلى مخلِّص.

بدلاً من تعليم ما يتعلق بصلاح يسوع المسيح أو ألوهيته، يعلمنا هذا المقطع الكتابي مدى بُعد أفضلنا من دخول ملكوت السماء بناء على أعمالنا الصالحة.

يريد الله ما لا يقل عن الكمال منا إذا أردنا الحياة الأبدية، لكن الأخبار السارة هي أن بإمكاننا أن نجد ذلك الكمال من خلال قبوله من يسوع المسيح مثل طفل صغير.

إذا أردت أن تعرف كيف يمكنك قبول ملكوت الله، تواصل معنا اليوم.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8