ما الذي يعلمه الكتاب المقدس بشأن الانتقام؟

الانتقام جزء من ثقافتنا في الشرق الأوسط. إذ يعتبر الانتقام عملاً ينم عن الرجولة. وغالباً ما نضع في تفكيرنا أن الجبان وحده هو الذي يسامح والقوي ينتقم.

كنت أقرأ في إنجيل متى مع صديق لي في إحدى المرات، وكانت تلك المرة الأولى التي يقرأ فيها من الكتاب المقدس. وبينما كنا نقرأ كلمات يسوع المسيح “سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ: ‹العَينُ بِالعَيْنِ، وَالسِّنُّ بِالسِّنِّ” أوقفني صديقي وقال بابتسامة على وجهه “نعم، نعم، هذا هو ما يقوله كتابنا تماماً” فطلبت منه أن يتمهّل وأن يكمل القراءة “…أمَّا أنَا فَأقُولُ: لَا تُقَاوِمُوا الشَّرَّ. بَلْ إنْ لَطَمَكَ أحَدٌ عَلَى خَدِّكَ الأيمَنِ، فَقَدِّمْ لَهُ الخَدَّ الآخَرَ أيْضً.” (متى 5: 38-39).

الانتقام هو النيل من أحد ما، عادة بأخذ الثأر بطريقة ما أو التسبب بأذى كرد فعل لشيء فعله بنا. رد الفعل الطبيعي للإساءة هي أن ننتقم. إن عاملنا أحد بسوء فإننا نريد أن تتم معاملتهم بالسوء أيضاً. إن شتمنا أحدهم فإننا نشتمه بالمقابل. إن ضربنا أحدهم فإننا نضربه بالمثل. كما أن عندنا القول “الدم بالدم”.

الانتقام هو طريقتنا الطبيعية للاستجابة لألم حقيقي تعرضنا له  أو تصورنا ذلك سواء كان لشخصنا أو ممتلكاتنا أو نحو أشخاص نحبهم.

يعلم الكتاب المقدس الكثير عن الانتقام، وهو يعارض كل غرائزنا الطبيعية.

صدم يسوع المسيح مستمعيه الأوائل منذ ألفي عام عندما قلب موازين العالم للكراهية والانتقام رأساً على تعقب “أمَّا أنْتُمْ أيُّهَا السَّامِعُونَ، فَأقُولُ لَكُمْ: أحِبُّوا أعْدَاءَكُمْ، اصنَعُوا خَيْرًا مَعَ مَنْ يُبغِضُونَكُمْ. بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ مُعَامَلَتَكُمْ(لوقا 6: 27-28). ولا تزال كلماته تصدمنا اليوم أثناء قراءتنا لها.

يعلم الكتاب المقدس أن علينا أن “لَا تَرُدُّوا لأَحَدٍ شَرّاً مُقَابِلَ شَرٍّ” و”لَا تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ (رومية 12: 17، 19). هذه الوصية الغريبة بعدم الانتقام تنبع من محبة الله لنا. يعلم الكتاب المقس “لَكِنَّ اللهَ أَثْبَتَ لَنَا مَحَبَّتَهُ، إِذْ وَنَحْنُ مَازِلْنَا خَاطِئِينَ مَاتَ الْمَسِيحُ عِوَضاً عَنَّا(رومية 5: 8).

ففيما كرهنا المسيح وكنا بطبيعتنا أعداء له إلا أنه أحبنا وبذل نفسه من أجلنا. بدلاً من إهلاكنا أهلك المسيح جدار العداء القائم بيننا وصالحنا مع الله واستعاد علاقتنا معه. والآن بتنا متحدين مع المسيح، فنحن واحد في المسيح. في الكتاب المقدس، يدعو المسيح شعبه “الكنيسة” ويدعو الكنيسة بالجسد (1كورنثوس 12: 27). فنحن جسد المسيح وعلينا أن نعكس محبة الله لنا نحو الآخرين ممن هم من حولنا. حتى أولئك الذين يكرهوننا ويريدون إيذاءنا.

امر المسيح بعدم الانتقام أيضاً نابع من رجائنا وثقتنا بأن الله صالح وعادل وأنه سيتعامل بعدله مع كل الشرور. يتم تشجيعنا للعيش كما عاش المسيح واثقين بأن الله سيعاقب الشر بحق. “لَا تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ، أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ دَعُوا الْغَضَبَ لِلهِ، لأَنَّهُ قَدْ كُتِبَ: «لِيَ الانْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ الرَّبُّ». وَإِنَّمَا «إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ، وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. فَإِنَّكَ، بِعَمَلِكَ هَذَا تَجْمَعُ عَلَى رَأْسِهِ جَمْراً مُشْتَعِلاً». لَا تَدَعِ الشَّرَّ يَغْلِبُكَ، بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ(رومية 12: 19-21).

قد يكون صعباً في بعض الأحيان أن نحب أعداءنا. لكن الله معك وهو يعطيك القوة التي تحتاجها في وقت احتياجك لها. قد يكون الانتقام جزءاً من ثقافتنا لكن باتباع القدوة التي قدمها المسيح وباستخدام القوة التي يعطينا إياها فإن الانتقام لن يعود جزءاً من حياتك.

إن رغبت بمعرفة المزيد عن محبة الله أو أردت أن تتعلم ان تحيا مثل المسيح، تواصل معنا اليوم ونحن سنساعدك.