عن موت الرسل الأثني عشر 

عاش المسيح على الأرض مدَّة 33 سنة، وخَدَم وعلَّم منهم 3 سنوات فقط. اختار المسيح اثني عشر رَجُلًا في حياتهِ على الأرض ليتلمذهم وليلازموه أينما ذهب، عالِمًا أنَّهُ من خلال هؤلاء الرجال ستولد الكنيسة وستبدأ بشارة الإنجيل بالانتشار حول العالم.

 قد نعرف الكثير عن بعض من هؤلاء الاثني عشر تلميذ (المعروفين أيضًا بالرسل الاثني عشر) مثل يعقوب ويوحنا وبطرس، لكنَّنا نعرف إلَّا القليل عن الآخرين؛ إذ لم يُسجِّل الكتاب المقدَّس عنهم الكثير، لكننا نعلم من التاريخ أنَّهم جميعًا ما عادا واحدًا ماتوا شهداء من أجل إيمانهم في يسوع المسيح. 

فيما يلي ستجد ملخَّص عن كيفيَّة موت هؤلاء الرجال المميَّزين نتيجة اتِّباعهم للمسيح:

ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْف. وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هذِهِ: اَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ.فِيلُبُّسُ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا، وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ.سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. (متَّى 10: 1-4) 

 

بطرس (المعروف باسم سمعان) 

لم يدوِّن الكتاب المقدَّس عن موت بطرس شيئًا، لكنَّ السجلَّات التاريخيَّة للكنيسة الأولى دوَّنت عن صلبه. يستشهد يوسابيوس (مؤرِّخ من كنيسة القرون الميلاديَّة الأولى) من إكليمندس الإسكندريّ (قسٌّ من كنيسة القرون الميلاديَّة الأولى) الذي يخبِّر أنَّه قبلما قُتل بطرس صلبًا أُجبِرِ على أن يشهد صلب زوجَتِهِ. وصَرَخ بطرس بينما شاهد زوجتهُ تُساق للموت وناداها باسمها قائلاً: ’’تذكَّري الربَّ!‘‘. عندما جاء دور بطرس أن يُقتل توسَّل أن يُصلب بالمقلوب لأنَّه رأى أنَّه لا يستحق أن يموت كما مات سيده، فسُّمِرَ على صليب رأسه إلى الأسفل وقدماه إلى الأعلى. 

أندراوس شقيق بطرس 

يقول يوسابيوس المؤرخ من القرون الميلاديَّة الأولى أنَّ أندراوس وصل سكيثيا (أبعد المناطق التي تقع شرقيَّ الإمبراطوريَّة الرومانية في ذلك الوقت). قُتل أندراوس في آخايا التي تقع جنوبيَّ اليونان قرب أثينا. وسجَّل أحدهم أنَّه قاد أحد زوجات الحكام الرومانيِّين الإقليميِّين إلى المسيح ممَّا أثار غضب زوجها فطالب زوجته بأن تتراجع عن تمسُّكها بيسوع المسيح لكنَّها رفضت ممَّا دفع زوجها لصلب أندراوس. 

وربطه قاتلوه على الصليب بدلًا من تسميره حسب طلب الحاكم لكي يطول وقت معاناته. ويقول التقليد أن صليبه كان أشبه بعلامة X. وبحسب معظم التقارير، فقد بقي على الصليب مدَّة يومين مناديًا المارَّة بالرجوع ليسوع المسيح لكي ينالوا خلاصًا. وبعدما قضى حياته في الخدمة في ظلِّ شقيقه بطرس، وفي خدمة الربِّ، لقي حدفه مثلهم تمامًا وكان أمينًا وسعى دائمًا أن يدعوا الناس إلى المسيح حتَّى آخر يوم في حياته. 

يعقوب بن زبدي شقيق يوحنا

سُجِّلت نهاية قصَّة يعقوب من منظور أرضيٍّ في سفر أعمال الرسل 12: 1-3: 

وفي ذلكَ الوقتِ مَدَّ هيرودُسُ المَلِكُ يَدَيهِ ليُسيءَ إلَى أُناسٍ مِنَ الكَنيسَةِ، فقَتَلَ يعقوبَ أخا يوحَنا بالسَّيفِ. وإذ رأى أنَّ ذلكَ يُرضي اليَهودَ، عادَ فقَبَضَ علَى بُطرُسَ أيضًا. وكانتْ أيّامُ الفَطيرِ. 

تروي الآيات أنَّ هيرودس هو الذي قتله وأنَّ أداة الإعدام كانت السيف (أي أنهُ قُطِعَ رأسه). ومن المهمِّ أن نذكر أنَّ يعقوب كان أوَّل الرسل الذين قُتلوا. 

يخبِّر يوسابيوس المؤرِّخ من القرون الميلاديَّة الأولى عن موت يعقوب الذي نُقِلَ عن إكليمندس الإسكندريِّ أنَّ جلاد يعقوب تأثَّر عندما رآه مُتمسِّكًا بإيمانه فآن هو أيضًا بيسوع المسيح. ثُمَّ أُخذا معًا إلى القتل، وفي طريقهما ترجى الجلَّاد يعقوب أن يغفر لَهُ، وبعد أن فكَّر يعقوب لوهلة، قال له: ’’سلامٌ معك‘‘، وقبَّلَهُ، فقُطع رأسيهما معًا بسبب إيمانهما بيسوع المسيح.

يوحنَّا شقيق يعقوب 

كان يوحنا التلميذ الوحيد الذي عاش لعمرٍ طويل. لكنَّهُ أيضًا تألَّم في طرقٍ لم يذُقها الآخرون. كان لا يزال يوحنا يتحَّمل المشقَّات والأضطهادات لمدَّةٍ بعدما انتقل الآخرون إلى الأمجاد. 

تتَّفق معظم المصادر الموثوقة من تاريخ الكنيسة الأولى أنَّ يوحنا أصبح راعي الكنيسة التي أسَّسها الرسول بولس في أفسس. مِن هُناك، في وقت اضطهاد عظيم للكنيسة تحت حكم الإمبراطور الرومانيِّ دومتيان (شقيق تيطس، الذي دمَّر أورشليم، وخلفه)، نُفي يوحنا إلى سجنٍ في بُطمس، واحدة من الجزر الصغيرة في بحر إيجة على الساحل الشرقيِّ لتركيَّا اليوم. وهناك سكن في كهف، وهناك أيضًا جاءته الرؤى الأخرويَّة والمسجَّلة في سفر الرؤيا.

فيلبس 

يروي لنا التقليد الكنسيُّ أنَّ فليبس استُخدم بصورةٍ كبيرة في انتشار الكنيسة الأولى وكان من أوائل الرسل الذين استشهدوا. بحسب معظم السجلات، قُتل فليبُّس رجمًا بالحجارة في هليوبوليس، فريجيا (تركيا اليوم) بعد ثماني سنوات من استشهاد يعقوب. قبل موته، أقبلت جموعٌ غفيرة إلى المسيح بسبب عظاته. 

نثنائيل المعروف أيضًا باسم برثلماوس 

تذكر سجلَّات الكنيسة الأولى أنَّهُ خَدَم في الهند وبلاد فارس ووصل بالبشارة إلى أرمينيا. لا يوجد مصادر موثوقة عن كيفيَّة موته. واحدة من السجلَّات تذكر أنَّهُ رُبِطَ في كيس وطُرِح في البحر. أمَّا آخرون، فسجَّلوا أنَّهُ صُلِبَ. مع تعدُّد القصص، نجد أنَّهُ هو أيضًا قد مات شهيدًا كجميع الرسل ما عادا يوحنَّا. 

توما 

هناك عددٌ من الشهادات القديمة التي تُرجِّح أنَّهُ حمَلَ البشارة إلى الهند. هناك تلة صغيرة في يومنا هذا قرب المطار في تشيناي في الهند حيث يُقال أنَّ توما دُفِنَ. وأيضًا هناك كنائس تتبع بداياتها إلى عصر الكنيسة الأولى. ويقول التقليد إنَّها تأسَّست تحت خدمة توما. التقليد المرجَّح صحتُهُ يقول إنَّهُ مات شهيدًا من أجل إيمانه رميًا بالرماح؛ طريقةٌ مثاليَّة لاستشهاد هذا الشخص الذي اكتمل إيمانه حينما رأى علامة الرمح في جانب سيِّده والذي اشتاق لأن يجتمع بربِّه من جديد.

متَّى جابي الضرائب 

يقول التقليد أنَّه خدم اليهود في إسرائيل وأيضًا في الخارج لعدَّة سنوات قبل استشهاده لأجل ايمانه. لا يوجد مصدر موثوق للطريقة التي قُتِل فيها، لكنَّ التقليد القديم يشير إلى أنَّهُ حُرِقَ. لم يكتفي هذا الرجل الذي ترك عملهُ المربح من أجل المسيح بذلك فقط، بل أراد أيضًا أن يقدِّم للمسيح كلَّ ما لديه حتَّى النهاية. 

يعقوب بن حلفى 

في عمر الأربعة والتسعون ضُرِبَ ورُجم من اليهود وأخيرًا هُشِّمت جمجمته بمضرب.

تدَّاوس 

يذكر معظم التقليد الكنسيِّ أنَّ تدَّاوس حمل البشارة إلى الشمال إلى أورفة مدينة ملكيَّة في بلاد الرافدين في منطقة تركيَّا الحالية، ويذكر التقليد أيضًا أنَّهُ ضُرِبَ حتَّى الموت. 

سمعان الغيور 

تذكر عدَّة مصادر أوليَّة أنَّهُ بعد دمار إسرائيل، حمل سمعان البشارة إلى الشمال وبشَّر في الجُزر البريطانيَّة. يختفي سمعان من السجلَّات الكتابيَّة تمامًا كالباقي، فلا توجد سجلَّات تؤكِّد لنا ما حدث معهُ. لكنَّ التقليد يقول إنَّه هو أيضًا قُتل من أجل الكرازة بالإنجيل. هذا الرجل الذي كان مُستعدًّا أن يَقتل من أجل قضيَّة سياسيَّة في الحدود اليهوديَّة، وجد قضيَّةً أكثر أهمية يقدِّم حياتهُ من أجلها، وهي إعلانُ خلاصٍ للخطاة من كلِّ أمَّةٍ وشعب وقبيلةٍ ولسان. 

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8