من هو الرسول يوحنا؟

يوحَنّا أخو يعقوب

وَكَانَ مُتَّكِئًا فِي حِضْنِ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنْ تَلَامِيذِهِ، كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ(يوحنا 13: 23).

كان يوحنا من عائلة ثرية ولها مكانتها في المناطق الشمالية من الجليل، وكان شريكاً في تجارة عائلة أندَراوُس وبطرس (لوقا 5: 10). دُعي كل من يوحنا وأخيه الأكبر يعقوب من الرب يسوع ليكونا من أتباعه فيما كانا يُصلحان شِباك الصيد مع أبيهم زَبدي. يعلمنا الكتاب المقدس أنهما، بعد دعوة الرب يسوع لهما،فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي ٱلسَّفِينَةِ مَعَ ٱلْأَجْرَى (العاملين) وَذَهَبَا وَرَاءَهُ(مرقس 1: 20).

كان يوحنا وأخوه الأكبر يعقوب وبطرس من دائرة أصدقاء الرب يسوع المقربين. فكان لهم تقرب خاص من الرب يسوع وكانوا متباركين ليكونوا معه في مناسبات غير عادية. إذ كان الرب يسوع غالباً ما يأخذ معه هؤلاء الرجال الثلاثة فقط في مهمات خاصة. فمثلاً، عندما أقام الرب يسوع الشابة، ابنةيايْرُس”، وهو حاكم ديني محلي، من الموت، لم يأخذ معه سوى بطرس ويعقوب ويوحنا (مرقس 5: 37-43). وعندما تجلّى وجه الرب يسوع بشكل معجزي، لبرهة وجيزة، إلى صورة مجده السماوي وتحدث مع موسى وإيليا عن موته الوشيك، لم يأخذ معه سوى بطرس ويعقوب ويوحنا (لوقا 9: 28-36). وعندما صرخ الرب يسوع لأبيه السماوي في الليلة التي قُبِض عليه فيها، لم يكن إلى جانبه سوى بطرس ويعقوب ويوحنا (مرقس 14: 33).

كانتسالومي” أم يعقوب ويوحنا، وكانت تابعة مُكَرَّسة من أتباع الرب يسوع. وكانت واحدة من النساء اللاتي خدمن الرب يسوع في أثناء خدمته للناس في مدن إسرائيل المختلفة. وقد وقفت بشجاعة إلى جانب ابنها ومريم العذراء، أم الرب يسوع، عندما صُلب الرب يسوع (متى 27: 55-56).

كما أدتسالومي” دوراً في منح ابنيها، يعقوب ويوحنا، مراكز شرف عالية في ملكوت الله الآتي. إذ جاءتسالومي” مع ابنيها وسجدت أمام الرب يسوع وطلبت منه أن يجلسا على يمينه ويساره في ملكوته. وأجاب الرب يسوع بتذكير قوي أن ملكوته ينتمي للمتواضعين، فإذا أردت أن ترتفع في ملكوت الله فعليك أن تكون خادماً للجميع. وإذا أردت أن تكون عظيماً في ملكوته فيجب أن تكون راغباً بأن تشرب كأس الألم المر حتى آخر قطرة، تماماً كما فعل الرب يسوع (متى 20: 20-28).

كان يعقوب ليختبر بحق معنى أن تتألم من أجل الرب يسوع، فبعد عشر سنوات من موت يسوع المسيح وقيامته، كان يعقوب، شقيق يوحنا الأكبر، أول تلاميذ الرب يسوع ليستشهد من أجل إيمانه (أعمال الرسل 12: 2).

لقّب الرب يسوع يعقوب ويوحنا بـٱبْنَيِ ٱلرَّعْدِ(مرقس 3: 17)، إذ كما يبدو أنهما كانا متسرّعين في صغرهما. نلمح هذا عندما حاول يوحنا منع أحدهم من إخراج الشياطين باسم الرب يسوع لأنه لم يكن واحداً من مجموعتهم. وفي مرة أخرى، في قرية السامرة، عندما رفض السماح ليسوع المسيح بالذهاب للزيارة. كان يعقوب ويوحنا غاضبان جداً بسبب عدم احترام السامريين ليسوع المسيح إلى حد طلبهما منه أن يأذن لهما ويمنحهما القوة لإنزال النار من السماء لإهلاكهم. وبالطبع، انتهرهما الرب يسوع في كلتا المرتين (لوقا 9: 49-56).

بعد إلقاء القبض على الرب يسوع، حاول بطرس أن يتبعه إلى حيث وضعوه لكنه لم يتمكن من تجاوز البوابة. إلا أنه بدا أنه كان ليوحنا بعض العلاقات مع رئيس الكنيسة فتمكن من الحصول على الإذن للدخول ومن ثم ساعد بطرس على الدخول إلى الساحة، حيث انتهى به الأمر بإنكار الرب يسوع ثلاث مرات. بعد القبض على الرب يسوع والحُكم عليه بالموت على الصليب، هرب جميع تلاميذه خوفاً باستثناء يوحنا (متى 26: 56). ففيما كان الرب يسوع معلقاً ليموت على الصليب كحَمَل الله ليحمل خطايا العالم، لم يكن هناك إلى جانبه سوى مريم، أمه، ويوحنا والقليل من النساء الأخريات. نظر الرب يسوع إلى أسفل من الصليب نحو أمه ويوحنا وقال لمريم: “يَا ٱمْرَأَةُ، هُوَذَا ٱبْنُكِ“. ومن ثم نظر إلى يوحنا وقال: “هُوَذَا أُمُّكَ(يوحنا 19: 26-27). وبحسب التقليد، بقي يوحنا في أورشليم واهتم بمريم حتى وفاتها، ومن ثم انتقل إلى أفسس فيما يعرف الآن بتركيا.

شهد يوحنا محاكمة الرب يسوع يوم الخميس ومن ثم صلبه يوم الجمعة. يوم السبت، كان يوم اليهود للعبادة والراحة فلم يكن مسموحاً القيام بأي عمل، بما في ذلك زيارة القبر. مبكراً في يوم الأحد، زارت مريم المجدلية قبر الرب يسوع ورأت أنه كان فارغاً، فعادت راكضة على الفور وأخبرت التلاميذ، فانطلق بطرس ويوحنا راكضين نحو القبل، حيث وجداه فارغاً، تماماً كما قالت لهما (يوحنا 20: 1-10).

بعد القيامة، عاد يوحنا وستة آخرين من التلاميذ إلى الصيد، حيث ظهر لهم الرب يسوع المُقام من الأموات. هناك، تنبأ يسوع المسيح بأن بطرس سيُقتَل بسبب إيمانه، وبدأت إشاعة بأن يوحنا لن يموت، لكن الرب يسوع لم يقل ذلك قط (يوحنا 21).

شهد يوحنا صعود الرب يسوع بالجسد إلى السماء (أعمال 1: 6-11) وكرّس نفسه للصلاة والصوم مع حوالي 120 آخرين عندما اختاروامَتيّاسليحل محل يهوذا الذي خان الرب يسوع. كان يوحنا هناك في يوم الخمسين عندما حل الروح القدس عليهم، وآمن 3000 شخص في يسوع المسيح وتعمدوا. كان يوحنا مع بطرس عندما شفيا الرجل الذي كان مشلولاً مدة 40 عاماً (أعمال الرسل 3: 1-10). طلب كنيسة السامرية الجديدة من بطرس ويوحنا أن يضعا أيديهما عليهم لقبول الروح القدس (أعمال الرسل 8: 14-25). وكان بطرس ويعقوب العادل ويوحنا، هم الذين مدوا يد الشركة لبولس الرسول في أورشليم بعد 16 عاماً من صعود ربنا يسوع إلى السماء (غلاطية 2: 9).

في وقت ما بعد موت مريم العذراء، بحسب تاريخ الكنيسة، انتقل يوحنا إلى أفسس، حيث أًصبح رمزاً قيادياً للكنائس في أسيا الصغرى (تركيا اليوم). في سنة 94 بعد الميلاد، خلال اضطهاد الكنيسة الكبيرة تحت قيادة الامبراطور الروماني دوميتيان (أخو وخليفة تيطس، الذي دمر أورشليم سنة 70 بعد الميلاد)، تم نفي يوحنا إلى جزيرةبطموس” لكونه مسيحياً، حيث عاش في كهف ورأى الرؤيا التي نعرفها باسم رؤيا يوحنا والتي تشكل السفر الأخير من الكتاب المقدس. بعد إطلاق سراحه من المنفى، عاد إلى أفسس وكتب ثلاثة رسائل تحمل اسمه.

بقي يوحنا أميناً للرب يسوع المسيح المُقام طوال حياته، حتى بعد مقتل أخيه الأكبر بوحشية. ستبقى ذكرى ابن الرعد بأنه رسول المحبة.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8