لماذا تبدو الحياة بلا مغزى؟

أتأمل دوماً في الفجوة بين الغني والفقير، ويذهلني رؤية الفروقات الشاسعة بين حياة كل منهما. فبإمكان الغني أن يدفع ثمن فنجان واحد من القهوة بما يزيد عما يصرفه شخص عادي لإطعام كل عائلته وجبة واحدة. عندما يرتفع سعر الخبز، لا يلاحظ الغني ذلك ويستكمل حياته لكن الشخص العادي يتساءل عما يحتاج لاقتطاعه من ميزانيته ليعوّض تلك الزيادة في سعر الخبز. لكن في نهاية المطاف، كلا الغني والفقير يذهبان إلى ذات المكان: القبر. فالموت واحد للغني والمُعدَم.

إنه ذات العمل والتعليم. صديق لي درس في واحدة من أشهر الجامعات وأفضلها في الشرق الأوسط لكنه أدرك عندما أنهى دراسته وسافر للغرب لدراسة الماجستير أنه لم يتعلم شيئاً على مدى الأربعة أعوام التي قضاها على مقاعد الدراسة. يدرس الناس بجد للحصول على الشهادات لكنهم لا يتمكنون من إيجاد فرصة عمل بعد ذلك. كم شخصاً تعرفه يحمل شهادة جامعية ويعمل في مراكز خدمات الزبائن عبر الهاتف؟!  الرواتب هنا لا تكفي للزواج ولهذا نضطر للذهاب إلى الخليج والعيش بعيداً عن عائلتنا وثقافتنا وأصدقائنا، ثم نتساءل: هل من جدوى فعلاً؟

كم مرة سألت نفسك “ما معنى الحياة؟ ما المغزى من كل هذا العمل وكل هذه الصعوبات؟” لا بد من وجود شيء أكثر لهذه الحياة من هذا!

يحاول كل من العالم والدين الإجابة عن مسألة معنى الحياة هذه، لكن كلاهما فشل لأن الإجابتين متماثلتين مع اختلاف الطرح. إذ يقول العالم أن عليك أن تنظر إلى نفسك وأن تحيا من أجل ذاتك: “إن كان يجعلك سعيداً، فافعله”. أو يخبرك بأن تجد المعنى الخاص بك وقيمك في عملك أو مقدار الأموال التي تمتلكها أو نوعية المنطقة التي تسكن فيها أو الوجهة التي تقضي فيها الإجازة.

الدين يقول نفس الشيء إنما بتعابير مختلفة. يخبرك الدين أيضاً أن تنظر إلى نفسك وأن تحكم على قيمتك بمدى صلاحك والتزامك بالدين مقارنة بالآخرين. يخبرك الدين أن تجد قيمتك فيما تفعله. كم مرة سمعت شخصاً يتباهى بعدد الآيات التي حفظها، أو عدد السنوات التي قضاها دون أن يفوّت فرض صلاة واحد، أو عدد المرات التي أدّى فيها العُمرة.

يقدم كل من العالم والدين الرسالة نفسها: “انظر لنفسك لتجد المعنى”.

لكن يسوع المسيح  قلب هذا المنظور رأساً على عقب. إذ قال بأن لا أحد سيشعر بالرضى من النظر إلى نفسه، سواء كان غنياً أو فقيراً أو متعلماً أو أمياً، أو متزوجاً أو أعزباً، فأنت لن تجد القيمة الدائمة من خلال النظر إلى داخل نفسك.

يقول المسيح أن المعنى الحقيقي والقيمة يأتيان من النظر إلى خارج نفسك بدلاً من النظر إلى داخلها. قال يسوع المسيح هذه العبارة العميقة “أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل(يوحنا 10: 10). ليس أية حياة وإنما الحياة الحقيقية – الحياة المليئة بالمعنى والقيمة. يقدر أيٌّ كان أن يجد هذه الحياة الحقيقية، غنياً كان أو فقيراً، لأنها لا توجد بما نمتلكه وإنما بمن نؤمن فيه، أي المسيح نفسه. ففي المسيح نجد الفداء والغفران من خطايانا. وليس هذا فحسب! فعندما نأتي إلى المسيح طالبين الخلاص فإنه يسكب علينا غِنى نعمته ويضمنا إلى عائلة الله. هذا هو الشكل الأسمى لأي قيمة يمكن أن يطلبها شخص مخلوق من قِبَل الله.

هل تعرف المسيح على هذا النحو؟ هل أتيت إليه طالباً الحياة الحقيقية المليئة بالمعنى؟ يمكنك أن تفعل ذلك اليوم، فالفرصة لا تزال متاحة وأنت مدعو.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8