التغلب على البرود الروحي

لِذَلِكَ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَهْتَمَّ أَشَدَّ الاهْتِمَامِ بِالْكَلامِ الَّذِي سَمِعْنَاهُ، مُتَنَبِّهِينَ أَلّا نَنْحَرِفَ عَنْهُ. (عبرانيين 2: 1)

في مقالنا السابق، ناقشنا ماهية البرود الروحي في حياتك. فيما سنركز في هذا المقال على التغلب على البرود الروحي واستبداله بإرادة الله لحياتنا.

فنحن لا ننزلق عَرَضاً إلى النضوج الروحي. فلا أحد ينجرف في الاتجاه الذي يريد الذهاب إليه. هدف الله لنا هو أن نحيا حياةَ راحةٍ فيه ورعايته ومحبته وسلامه وسيادة على كل ظروفنا. ينبغي أن يجلب هذا الواقع حرية عظيمة وراحة ويقودنا لبذل الجهد والطاعة في سعيتنا للحياة التي أعدّها الله لنا.

عكس البرود والانجراف هو العزيمة نحو هدف. يخبرنا ربنا يسوع المسيح بوجود بركة للشخص الذي يثابر ويبقى أميناً طوال إقامته على الأرض (لوقا 12: 35-48). يريدنا الله أن نكون هادفين في حياتنا المسيحية؛ فلا يريد أن يرانا مجرد ننجرف خلالها.

نقرأ في سفر الأمثال: “تقول: “قليل من النوم فقط، وقليلٌ من النعاسِ، وقليلٌ من ثَني اليدين للراحة!” لكن سيُداهمك الفقر كلِصٍّ، وتقتحمُكَ الخسارةُ اقتحاماً.” (أمثال 6: 10-11). لا يحدث الانجراف الروحي دفعة واحدة، وذات الشيء للنضوج الروحي، فكلاهما يحدثان رويداً رويداً عبر السنين إلى أن تجد نفسك يوماً ما إما أنك لا تمتلك أي مشاعر نحو الرب وأصبح قلبك بارداً أو أن إيمانك ينمو وقدرتك على مقاومة الخطية وفرحك الرب يزدادان بتضاعف. ستحدد اختياراتك اليومية نتيجة حياتك. ما هي الاختيارات التي تختارها؟

هنالك مقولة قديمة توضح هذه الفكرة جيداً:

لعدم وجود مسمار، فُقِدت حذوة الحصان.

لعدم وجود حذوة، فُقِد الحصان.

لعدم وجود حصان، فُقِد الفارس.

لعدم وجود فارس، خُسِرَت المعركة.

لعدم وجود معركة، ضاعت المملكة،

كل هذا بسبب عدم وجود مسمار حذوة الحصان.”

هل فكرت يوماً بنوعية المسيحي الذي تريد أن تكون عليه؟ هل اختياراتك اليومية تقودك نحو أن تكون ذلك النوع من أتباع يسوع المسيح الذي تريده؟ يذكرنا الرسول بولس أنك تحصد ما تزرع (غلاطية 6: 7-10). ما الذي تزرعه؟ في كل مرة تغذّي فيها شيئاً فإنه سينمو، وفي كل مرة تجوِّع فيها شيئاً فإنه يموت. فما الذي تغذّيه وما الذي تجوّعه في حياتك؟

إليك عشرة أمور سوف تساعدك على التغلب على الانجراف والبرود الروحي وتوجّهك نحو عيش حياة تمجد الله وتخدم الذين حولك.

1. ابقَ في شركة مع شعب الله

واحدة من استراتيجيات إبليس لتدمير إيمانك هي عزلك عن المؤمنين الآخرين. لا يمكنك أن تنمو وتنضج كتابع ليسوع المسيح خارج جسد المسيح (أمثال 18: 1؛ 2 صموئيل 11).

2. اثبت في كلمة الله

قال النبي إرميا: “وجدتُ كلامك فالتهمتُه، فجعلني كلامُك سعيداً ومبتهجاً(إرميا 15: 16). قراءة كلمة الله، وعن كلمة الله، والخضوع لتعليم ووصايا الله سيحفظنا في الطريق إلى حيث نريد أن نمضي. أكل إرميا كلمة الله كما لو كانت طعاماً يحفظ حياته.

3. اقبل الصعوبات وكن مستعداً للتألم

أخبر الرسول بولس الشاب تيموثاوساشترك معي كجندي صالح في جنود المسيح في احتمال المشقات(2 تيموثاوس 2: 3). كما يذكرنا الرسول يعقوب بأنهنيئاً للإنسان الذي يحتمل التجربة، لأنه سينال إكليل الحياة عندما يجتاز التجربة بنجاح(يعقوب 1: 12). كما يتم تذكيرنا مرة أخرى في سفر أعمال الرسلدُخُولَ مَلَكُوتِ اللهِ يَقْتَضِي أَنْ نُقَاسِيَ صُعُوبَاتٍ كَثِيرَةً(أعمال الرسل 14: 22). على المسيحي الذي يريد أن يتغلب على البرود الروحي أن يكون مستعداً للتألم من أجل المسيح.

4. صلِّ أن يعطيك الله الشغف القلبي نحوه

الصلاة هي الأولى في طرق التغلب على البرود الروحي. ما الذي نصلي من أجله عندما نضع مخاوفنا أمام الرب؟ هل نطب من الله أن يوسّع قدرة قلبنا على الابتهاج فيه؟ هل نصلي أن يضرم الله فينا شغفاً ومحبة لإكرام اسمه وتمجيده في كل أرجاء العالم؟ هل صلواتنا أنانية ومتمركز حول الذات أو هل نصلي أن يُكرَم اسم الله بين الأمم وأن تؤجج قلوبنا؟

5. اخدم الآخرين

المسيحي هو وريث كل بركة روحية في السماويات (أفسس 1: 3)، ويُسَرّالله نفسه لإعطائنا الملكوت (لوقا 12: 32). فينبغي أن تكون استجابتنا لكل هذه البركات والامتيازات تتمثل في أن نصبح خادمين للكل (1 كورنثوس 4: 1). إذا كنت تريد التخلص من البرود الروحي في حياتك، توقف عن التذمر لأن الآخرين لا يخدمونك بل ابدأ أنت في خدمة الآخرين (متى 20: 25-28).

6. عش بتواضع

واحدة من أفضل الطرق للتغلب على البرود الروحي في حياتك هو أن تحيا بتواضع أمام الله وكل المحيطين بك. فالتواضع يقودنا نحو النعمة وفضله. إذا لم تحيَ بتواضع فلن يمكنك أن تحيا لله (يعقوب 4: 6).

7. طوّر عادات جيدة

ما يشغل ساعات يومك هو ما يشغل حياتك. ما هي العادات السيئة التي تحتاج إلى التخلص منها وما هي العادات الجيدة التي تحتاج إلى تبنيها؟ كم من الوقت تقضي في قراءة كلمة الله والصلاة وخدمة الآخرين، وهل أنت سخي في عطائك من مالك ووقتك؟ لن تحقق شيئاً إذا لم تكن لديك خطة (أمثال 16: 3؛ مرقس 7: 21-23).

8. اطلب غفران الآخرين وعِش حياة التوبة أمام الله

واحدة من أفضل الطرق لتفحص قلوبنا هو من خلال عيش حياة التوبة أمام الله والآخرين. وقوفك أمام الشخص الآخر بتواضع والاعتراف بأنك كنت مخطئاً لا يتطلب النضوج فحسب وإنما يبنيه أضاً. كما نريد أن نحيا حياة التوبة أمام الله الأمر الذي يحفظنا متواضعين ويمنعنا من الاعتماد الزائد على أنفسنا (أمثال 28: 13؛ أفسس 4: 32؛ مزمور 32: 5).

9. اقضِ على الخطية في حياتك

إذا كنت تريد منع البرود الروحي في حياتك فخذ موضوع التخلص من الخطية بجدية كبيرة. إذ سيغريك إبليس بأفكار مثل أن الخطية ليست بالأمر الكبير، وسيبرر لك بتفصيل شديد الكذب والسرقة والشهوة والغش والكسل في العمل وشتم الآخرين وكراهية الآخرين والنميمة وعدم الاهتمام بحال الآخرين. لكننا كأتباع يسوع المسيح، هدفنا هو أن نحيا حياة مرضية لله، ولكي نفعل ذلك فعلينا القضاء على الخطية (1بطرس 5: 8).

10. تأمل في عظمة الله وفي محدداتك الشخصية

طريقة أخرى للتغلب على البرود الروحي تكون من خلال التأمل في عظمة الله. فمن السهل أن ننجرف في التفكير في أنفسنا. عندما نحوّل نظرنا عن أنفسنا ونتأمل في روعة عظمة الله ندرك حجمنا وصغرنا وحاجتنا إليه. التسبيح بعظمة الله والتأمل فيه سيحركك دائماً نحو الاتجاه الصحيح (مزمور 27: 4).

إذا لم تكن قد سلمت حياتك بعد للرب يسوع المسيح، نرغب بمساعدتك على أخذ خطواتك الأولى، فتواصل معنا اليوم.