كيف يمكن للمسيح أن يكون الله وابن الله؟
تشكّل عقيدة الثالوث مصدراً لإرباك كبير عند أصدقائنا الذين يؤمنون بالتوحيد، وحدانية الله المطلقة. والسؤال الذي يطرحونه دائماً هو: “كيف يمكن للمسيح أن يكون الله وابن الله؟“
أن تكون مسيحياً يعني أن تؤمن بأن الله في طبيعته وجوهره هو إله واحد، ولكنه موجود من الازل إلى الأبد في ثلاثة أقانيم (اشخاص)؛ الآب والابن والروح القدس. هذا الايمان هو نقطة البداية لعقيدة الثالوث المسيحية، وهي الكيفية التي أظهر الله نفسه لنا من خلالها.
عقيدة الثالوث لا تعني أن الله واحد في الجوهر وأحادي الشخص، ومن ثم نحاول أن نفرض على هذا الشخص الواحد يسوع المسيح الابن والروح القدس. لكن نقطة البدء بالنسبة لنا هي أن الله واحد في الجوهر وفي ثلاث أقانيم.
مَن هو الله؟
السؤال الأول الذي ينبغي علينا الإجابة عليه هو ماذا نقصد عندما نقول “الله“؟ التعليم المسيحي عن الله هو الثالوث: الآب والابن والروح القدس، إله واحد. غالباً ما يستخدم الكتاب المقدس كلمة “الله” إشارة لله الآب. لكن في المعنى التقني، الله هو الثالوث. فالآب هو الله. الابن هو الله. الروح القدس هو الله. هؤلاء ليسوا بثلاثة آلهة لكنهم جميعاً الله الواحد الحقيقي الأبدي. لذا، فيسوع المسيح هو الله، لكنه ليس الآب.
من هو يسوع المسيح؟
ليس لله ابن بشري يُدعى يسوع. نحن لا نؤمن أن يسوع المسيح هو الابن الجسدي لله مثل أبناء البشر. يسوع (الذي يعني مخلِّص) هو الاسم البشري المُعطى للأقنوم الثاني من الثالوث الموجود في جوهر واحد مع الآب والروح القدس. عندما اتخذ الأقنوم الثاني من الثالوث الطبيعة البشرية بواسطة التجسُّد أعطاه الملاك السماوي اسمَ يسوع (متى 2: 21). “المسيح” هو لقب مخلص العالم الذي تنبأ به الأنبياء وشعب الله في العهد القديم.
يستهل قانون الإيمان الأثناسي العظيم والقديم، الذي تعترف به الكنيسة، بهذه الكلمات:
“كل مَن يروم أن يخلُص عليه وقبل كل شيء أن يحفظ هذا الإيمان الجامع والشامل ويتمسك به. والإيمان الجامع هو هذا: أننا نعبد إلهاً واحداً في ثلاثة أقانيم. والأقانيم متحدة فهي ليست أقانيم أو شخوص مشوشة ولا هي منقسمة في جوهرها. هنالك أقنوم واحد هو الآب، وآخر هو الابن، وآخر هو الروح القدس. لكن الله الآب والابن والروح القدس هو واحد، والمجد متساوْ والجلال الأبدي مشترك.”
عندما يسأل أحدهم: “هل المسيح هو الله أو ابن الله؟“، فهذا يكشف أن السائل لا يفهم حقيقة إله الكتاب القدس الحي.
إذ يتم طرح السؤال وكأنه يشكّل معضلة ما؛ فإما أن يكون المسيح ابن الله أو الله، إنما ليس كليهما معاً. لكن الكتاب المقدس يعلّم أن الله ثالوث الأقانيم المتحدة. فالمسيح هو الله وابن الله في ذات الوقت، إنما في فئتين مختلفتين.
لذا فالسؤال نفسه معضلة مضللة. فالمسيح قادر أن يكون كلاً من الله وابن الله في نفس الوقت، وليس علينا أن نختار واحداً دون الآخر وانما الاثنين معاً. إذا سُئل رجل عنده أولاد: “هل انت أب أو ابن؟“، فهو ليس بحاجة للاختيار بينهما لأنه الاثنين معاً في نفس الوقت، وإنما في فئتين مختلفتين. فهو أب في فئة وابن في أخرى.
يفترض سؤال “هل المسيح الله أو ابن الله” وحدة عقيدة التوحيد البسيطة: الله في شخص واحد. إلا أن الله ليس توحيداً بسيطاً في الفئات المسيحية، وإنما ثالوث مركب. فالله هو الآب والابن والروح القدس. الآب مختلف عن الابن في الأقنوم لكنهما واحد في الكيان والطبيعة، الله الوحيد.
يصرّح الكتاب المقدس أن الله كيان مركب يظهر في هيئة ثالوث متحد. فالله أكثر تعقيداً من أي شيء آخر في هذا العالم المخلوق. فالخالق لا يشبه أي خليقة خلقها.
والمسيح هو الأقنوم الثاني للإله الأزلي المتجسِّد في هيئة بشرية. يمكننا رؤية قدرة المسيح الإلهية بعدة طرق:
- وُلد المسيح ولادة معجزية من عذراء (متى 1: 20-23؛ لوقا 1: 26-38)
- عاش المسيح حياة كاملة تخلو من الخطية سواء في السلوك أو التوجه القلبي أو الطبيعة (1يوحنا 3: 5؛ 1كورنثوس 5: 21؛ 1بطرس 2: 22؛ عبرانيين 4: 15)
- كان للمسيح سلطان كامل على الطبيعة (يوحنا 2: 1-11؛ متى 14: 13-21؛ مرقس 4: 35-41؛ يوحنا 6: 16-21)
- كان للمسيح سلطان كامل على الحياة والموت (يوحنا 11: 1-44)
- علم المسيح ما كان في قلوب وأذهان جميع الناس دون الحاجة لسؤالهم (متى 9: 4؛ مرقس 2: 8؛ لوقا 6: 8؛ يوحنا 2: 25)
- عرف المسيح المستقبل (متى 16: 2؛ مرق 8: 31؛ لوقا 9: 22؛ يوحنا 2: 19-21).
- كان للمسيح سلطان إلهي لغفران الخطايا (متى 9: 1-7؛ مرقس 2: 1-12؛ لوقا 7: 36-49)
- كان للمسيح سلطان مُطلق على عالم الأرواح الشريرة (لوقا 11: 14-23؛ مرقس 1: 21-28؛ متى 8: 16)
- كان للمسيح سلطان كامل على كل الأمراض (لوقا 6: 6-11؛ يوحنا 4: 43-54؛ متى 8: 14-15).
- أقام المسيح نفسه من الموت إذ له قدرة على الموت (يوحنا 8: 17-18).
المسيح هو ابن الله من أجلك
أخذ يسوع المسيح لقب “ابن الله” لصالحنا. فمهمة المسيح على الأرض كانت أن يعيدنا إلى علاقة مع الآب من خلال اتحادنا معه (رومية 6: 5). بتجسّده، بات المسيح ابن الله الأبدي لكي نصبح نحن أبناء الله بسبب اتحادنا مع المسيح. فلقب المسيح “ابن الله” يعطينا رجاء عميقاً.
المسيح هو ابن الله المتجسد لكي تصبح كل البركات، التي هي حقه وطبيعته كونه الله، لنا بالتبني (رومية 8: 15-18). يعلمنا الكتاب المقدس أننا بالإيمان نتحد مع المسيح، ابن الله، ونصبح أبناءً لله بالتبني (يوحنا 1: 12). في المسيح، لنا ميراث لا يفنى ينتظرنا في السماء (1بطرس 1: 4)، ونكون ورثة لكل البركات السماوية (أفسس 1: 3)، وورثة للحياة الأبدية (تيطس 3: 7)، وورثة لملكوت الله (متى 5: 3). لا يعود الله يرانا عبيداً بل أبناءً وورثة لكل الأشياء في المسيح (غلاطية 4: 7).
نؤمن أن المسيح هو الله وابن الله غير المخلوق المُرسَل من الآب إلى العالم لافتدائنا بأن يجعلنا متحدين معه. الطريقة الوحيدة لخلاصنا هي بتجسُّد المسيح، ابن الله.
لذا، هل المسيح الله أو هو ابن الله؟ الجواب هو “نعم” هو الاثنين معاً، هو الله وابن الله في آن واحد.
يمكنك الاتحاد مع المسيح، ابن الله، اليوم لتصبح وريثاً لكل الأشياء عندما تقبله مخلصاً ورباً لك بالإيمان. تواصل معنا اليوم لنساعدك على أخذ أول خطواتك.
— اقرأ مقالات مشابِهة —
“لأَنَّ الشَّرِيعَةَ أُعْطِيَتْ عَلَى يَدِ مُوسَى، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَقَدْ تَوَاجَدَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.”
إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 1:17