كيف يكون الثالوث أفضل من التوحيد

هل تعرف الله وتحبه؟ محبة الله تأتي من معرفته حقاً.

لن يكون متوقعاً أن نحب الله كثيراً لو لم نعرف أنه أفضل من كل شيء آخر. فنحن نحب دائماً ما يبدو أنه سينال استحساننا أكثر، ونحب ما يجذبنا أكثر سواء كان الله أو المال أو العائلة أو الصيت، ونحيا لأجل ونحب ما يخلب لبَّنا اكثر.

لكن ما هي صفات ذلك الله الذي يطغى على كل مغريات الأمور الأخرى؟ هل بإمكان أي عقيدة توحيد ذلك؟ لا، أو ليس لمدة طويلة. لو كان الله واحداً من منظور التوحيد، فعليه من واقع تعريف التوحيد أن يمضي الأبدية وحيداً تماماً. فقبل الخليقة، قبل وجود أي أشخاص آخرين يتواصل معهم، لا بد أنه كان الله وحيداً تماماً.

إذاً، محبة الآخرين لا يمكنها أن تكون في صميم طبيعة الله إن كان سيمضي الأبدية بدونها. لذا، بتعريف كونه غير محب، فإن إله كهذا لا يكون مُضطراً لأن يحبنا، فقد يطالبنا بعبادته لكنه لن يتمكن من ربح قلوبنا واستمالة مشاعرنا. فنخدمه من منطلق الخوف لا المحبة.

كم هو رائع ثالوث الله المختلف بحسب الكتاب المقدس. فالمسيح يتحدث عن كيفية محبة الله الآب له حتى قبل خلق العالم (يوحنا 17: 24). هذا هو ثالوث الله الحي: الآب الذي يتمحور وجوده الأزلي حول محبة الابن ساكباً عليه روح المحبة والحياة. يقدم لنا الكتاب المقدس الله بصورة الله الذي هو محبة، والذي هو ممتلئ من الحياة والصلاح، بحيث تفيض منه كل هذه الصفات إلى الأبد. صلاح الله ومحبة الله مثل ينبوع يفيض. هذا هو ثالوث الله في الكتاب المقدس، فهو إله مُشبع إلى المنتهى، الله الذي ينبع منه كل الصلاح والمحبة والجمال.

هذا يعني أنه بوجود ثالوث الله هنالك أخبار سارة عظيمة. فالله المذكور في الكتاب المقدس ليس كائناً متزعزعاً، يطالبنا بأن نخافه، لكنه إله الرحمة والنعمة الذي يقدم لنا خلاصاً أحلى من أي ديانة أخرى أو منظومة فكرية من الاعتقادات.

تصور للحظة إله التوحيد. فقد كان وحيداً منذ الأزل، فهل سيرغب بتكوين علاقة معك؟ الإجابة هي لا. هل سيعرف حتى ماهية العلاقة؟ بالتأكيد لا. فهكذا إله قد يسمح لنا بأن نعيش في كنفه من منطلق الخوف والمطالبة بعبادته لا أكثر. فكر بالرجاء المشكوك فيه في الديانات الأخرى: فإن أوصلتك إلى السماء بطريقة ما إلا أنك ستفتقر هناك إلى العلاقة الحقيقية مع الله لأن إله التوحيد ليس كائناً علاقاتياً (أي أنه لا يبني العلاقات).

لكن إن كان الله أباً تتمحور حياته حول محبة ابنه الغالي والابتهاج فيه، عندها تبدأ برؤية الله الذي سيقدم لك اكثر من أفكار شخصية وحميمة لحياتك، أفكار تجذبك إليه وفرحه، أب يعانقك بذات المحبة التي يحبها لابنه إلى الأبد.

ثالوث الله في الكتاب المقدس لا يقدم لك “نوعاً ما” من عدم الضمان أو محبة مشروطة ينبغي لنا من خلالها أن نحاول المحافظة على إرضائه من خلال السلوكيات المثالية الكاملة. لا. يعلم الكتاب المقدس “وأما كل الذين قَبِلوه (أي قبلوا المسيح) فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله(يوحنا 1: 12). لدينا في هذا الضمان والراحة والتوكيد للتمتع بمحبته إلى الأبد.

الابن المحبوب منذ الأزل جاء إلينا ليتشارك معنا في محبة الله الآب التي لطالما سكبها عليه منذ الأزل. جاء المسيح ليشارك معنا ويجلبنا معه إلى تلك المحبة التي اختبرها دوماً مع الآب. فبمعرفته لله من خلال الثالوث، يمكننا أن نعرفه ليس كخطاة غُفِرت لهم خطيتهم فحسب بل كأبناء محبوبين وأعزاء يختبرون محبة الله الأبدية.

بكلمات أخرى، إله الكتاب المقدس أكثر جمالاً بلا حدود مقارنة مع كل الآلهة الآخرين في جميع الديانات الأخرى، وهو يقدم لنا خلاصاً أعظم. فلدينا هنا إله قادر على استعادة قلوبنا المتمردة من خلال فتح عيوننا على شخصه.

الله جميل ومرغوب ويعطي الحياة لأنه الآب والابن والروح القدس. لا يمكننا أن نجد هذا الله المحب والذي يشارك حياته وفرحه معنا إلا هنا. هنا نجد الله الحقيقي الذي يحبنا محبة أزلية.

إن حاولنا التفكير بالله دون اعتبار الآب والابن والروح القدس، عندها لا يكون لدينا سوى اسم مجرد من الله الحقيقي. هذا يعني إن كنا لا نمانع بمعرفة الله خارج الثالوث فإننا لن نعرف أبداً الحياة والجمال والراحة الكامنة في معرفة الله الحقيقي وأن نكون محبوبين من قِبَله.

لقد خُلِقنا لنعرف الله الآب والابن والروح القدس، الوحيد القادر على ربح قلوبنا وإبعادنا عن الخطية التي تستعبدنا. لدينا في الثالوث الله الحقيقي الواحد الذي هو محبة والذي يحبنا محبةً أبدية.

إن كنت ترغب بمعرفة المزيد عن ثالوث الله، تواصل معنا اليوم.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8