ماذا يعني المصطلح “ابن الله”؟

سُئلت عدة مرات إن كنت أؤمن بأن المسيح هو ابن الله. وقبل أن أجيب على السؤال كنت أسأل دائماً: “ماذا تعني بقولك “ابن الله”؟” وفي كل مرة، بلا استثناء، كانوا يقولون: “أنجب الله ابناً بالجسد من خلال مريم“.

هذا ليس ما يؤمن به المسيحيون.

فتعبير “ابن الله” المستخدم في الكتاب المقدس يصف يسوع المسيح سبّب الكثير من التشويش وتمت إساءة فهمه وإساءة تقديمه من الكثير من الناس، خاصة هنا في العالم العربي.

وزاد الأمر سوءاً عندما لم يأخذ أحد منهم وقته ليفحص الكتاب المقدس بنفسه ويرى ما المقصود بـ”ابن الله“.

الغالبية العظمة من الناس يسرون للنظر إلى كتب أخرى أو ديانات أخرى لتفسير ما يعلمه الكتاب المقدس. لكن من المفيد جداً لنا أن ننظر إلى المصدر الأصلي بدلاً من الاعتماد على ما يقوله أناس آخرون أو كتب أخرى أو ديانات أخرى عن التعليم المسيحي الخاص بـ”ابن الله“.

يتعلق جزء من العبادة الحقيقة والنقية لله باستخدام الذهن الذي أعطانا إياه لنفكر ونفحص ونفهم شخصه، وليس مجرد أن نقبل ما يلقننا إياه آخرون.

المصطلح “ابن الله” لا يعني:

أولاً: إنه لا يعني أن يسوع المسيح هو ابن الله بالمعنى البشري لأب وابنه. فيسوع المسيح يُدعى ابن لله وليس ولد الله، لذا فالله ليس والد المسيح، وهو لم يتزوج وينجب ابناً. فالله لم يتزاوج مع مريم العذراء أو أي امرأة أخرى لينجبا معاً المسيح. حاشا. 

لم يتخذ الله لنفسه شريكاً يوماً. ولم يؤمن المسيحيون قط أو تعلموا أموراً كهذه لأنها غير واردة في الكتاب المقدس، وبالتالي لا تندرج ضمن الإيمان المسيحي.  إن كان هذا ما تعتقده بشأن إيمان المسيحيين فإنك تقرأ وتسمع للجهات الخاطئة.

ثانياً: لم يكن المسيح مجرد إنسان سكنه الله فيه أو ملأه. فيسوع المسيح فريد بكونه الإظهار الكامل لله بالشكل البشري (يوحنا 1: 1، 14). يسوع المسيح ليس مجرد نبي أُعطي قوة من الله لفعل المعجزات. فيسوع المسيح أعظم من أي رجل أو نبي.

ثالثاً: قبل تجسد يسوع المسيح في ميلاده من مريم العذراء، وُجِد منذ الأزل مع الله، وكان نفسه إله الكون الوحيد (يوحنا 1: 1، 2), يُدعى المسيح “كلمة الله“، وكلمة الله أزلية وأبدية ولا يمكن فصلها عن جوهر الله نفسه. يسوع المسيح، كلمة الله، موجود دائماً (منذ الأزل وإلى الأبد). 

يشير لقب “ابن الله” إلى هوية المسيح وليس أصله البيولوجي.

نحن معتادون على استخدام كلمة “ابن” لوصف أمر يخص شخصاً ما بدون افتراض الرابط الجسدي. فمثلاً نقول “ابن النيل” لوصف شخص مصري، و”ابن بلد” لوصف مواطن أصيل ونقول “ابن حلال” لوصف شخص صالح.

نستخدم هذه المصطلحات وأكثر منها بكثير في كل يوم لوصف شخصية أحدهم أو أصله بدون افتراض الحديث عن العلاقات الجنسية. وهذا الحق ينطبق على مصطلح “ابن الله“.

إذاً، ما هو معنى “ابن الله”؟

يشير “ابن الله” إلى أصل وهوية يسوع المسيح. عند استخدام مصطلح “ابن الله” فإن هذا يعبّر عن أصل المسيح ومكانته وإرساليته وسلطته. يسوع المسيح بصفته ابن الله يمثّل الله للبشرية. فكل ما يملكه الآب يملكه الابن أيضاً.

إن كنت تفكر من منطلق العلاقة البشرية بين الأب والابن، فإن كل مكانة الأب يملكها الابن أيضاً. وكل ما عند الأب يكون للابن أيضاً. إن أرسل ملكٌ ابنه في إرسالية دبلوماسية فإن الأمير يمثل الملك في كل شيء، فما يقوله الأمير يكون الملك قد قاله لأن الأمير آتٍ باسم أبيه. يسوع المسيح يقول أنه جاء باسم الله (يوحنا 5: 43). بهذا المعنى، يكون المسيح هو ابن الله لأنه يمثّل الله لنا.

يقول المسيح “إن رأيتموني فقد رأيتم الله” (يوحنا 14: 8، 9)

يوق المسيح أنه هو نور العالم، ونحن نعرف أن الله نور ولا يوجد فيه شيء من الظلمة (يوحنا 8: 12؛ يعقوب 1: 5).

يقول المسيح أن مشيئته ومشيئة الله الاب واحدة. لا تمييز بين مشيئتيهما (يوحنا 10: 30). 

يقول المسيح أنه الحق نفسه، ونحن نعرف أن الله هو الحق نفسه (يوحنا 14: 6)

يقول المسيح أنه مُعطي الحياة، تماماً كما أن الله هو الوحيد الذي يعطي الحياة (يوحنا 5: 26).

يقول المسيح أنه منذ الأزل وليس له بداية أو نهاية تماماً مثل الله الأزلي الذي ليس له بداية أو نهاية (يوحنا 8: 58، يوحنا 1: 14).

في كل النواحي، يمثّل يسوع المسيح الله لنا معطياً له الحق الحصري والامتياز لحمل لقب “ابن الله“.

أتمنى أن تكون قد بدت بفهم مغزى المصطلح “ابن الله” المستخدم في الكتاب المقدس والذي يفهمه المسيحيون لتوضيح أصل المسيح وإرساليته ومكانته وليس لتفسير علاقة جسدية.

إن كانت لديك أية أسئلة حول هذا المقال أو أي أمر آخر متعلق بالإيمان المسيحي، لا تتردد بالتواصل معنا اليوم.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8