المسيح مثل النبي يوسف بل أعظم

تُعدُّ قصَّة النبي يوسف واحدة من أشهر قِصَّص الكتاب المُقدَّس، وعادةً ما يَقِلُّ اهتمامنا بتفاصيل القصَّة حينما تَكون القِصَّة مألوفةً لنا، لكن إن عَرِفنا قصَّةَ النبي يوسف معرفةً جليَّةً سنعرف أنَّها توجِّهُنا للمَسيح. 

يوسف؛ حفيد إبراهيم وحفيد إسحاق وَواحد من أبناء يعقوب الذين أصبَحوا فيما بعد أسباط إسرائيل الاثني عشر (إسرائيل هو الإسم الذي أطلَقَهُ الله على يعقوب). يُمكِنُكَ أن تجد قصَّة يوسف بالتَّفصيَل في الكتاب المقدَّس في سفر تكوين الإصحاحات 37 إلى 50.

أَحَبَّ يعقوب ابنهُ يوسف أكثَرَ من باقي أبنائه، فكَرِهَهُ أخوَّته بسبب تفضيل والدهم لهُ. وأرسلَ يعقوب ابنهُ يوسف يومًا ما كي يتَفَقد إخوتَهُ الذين كانوا يَرعون الأغنام، وعندما رآه إخوتهُ قادمًا من بعيد أمسكوهُ وألقوهُ في بئرٍ جافٍّ لكي يقتلوهُ لاحِقًا في تلك الليلة. لكن عندما رأوا قافلةً تجاريةً مارَّةً باعوهُ لهم بثلاثين من الفضَّة، وأصبحَ يوسف بعدها عبدًا لرجُلٍ مصريٍّ ذي نفوذٍ، لكنَّ الله كان مَعَهُ وبارَكَهُ حتَّى في وقتِ عبوديَتِهِ. وقد حاولت زوجة المصريِّ أن تُغري يوسف لكنَّهُ هرَبَ منها مِمَّا دفعها أن تدَّعي أنَّ يوسف حاول أن يتعدي عليها. فحُبِسَ يوسف في السجن لسنواتٍ عديدةٍ على الرغم من براءته. لكنَّ الله كان مَعَهُ وبارَكَهُ حتَّى في السجن.

بعد سلسلة من الأحداث التي لن أذكرها لغرض الإختصار، أصبح يوسف رئيس الولاة على كلِّ مصر، وعندما أتت مجاعةٌ شديدة استطاع يوسف أن يُنقذ مصر من المجاعة بنَفسِه. كانت المجاعة شديدة لحدٍّ كبير وصلت فيه إلى عائلة يعقوب في أرض كنعان، ولم يَكُن لديهم طعامًا ليأكلوا. ذهب الإخوة إلى مصر ليبتاعوا الطعام، وعندما عرفَ يوسف هويَّتهم، خافوا جدًّا أن يغضَبَ ويقتُلَهم بسبب كلِّ ما فعلوه به قبلَ سنواتٍ عَديدةٍ. لكنَّ يوسف أجاب قائلاً: ’’أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيرًا‘‘ (تكوين 50: 20). ثُمَّ أرتحلت عائلة يوسف إلى مصر ونجت من المجاعة.

كانت هذه قصَّة يوسف بالمختصر، أشَجِّعك أن تقرأ القصَّة الكاملة في الكتاب المقدَّس في سفر تكوين الأصحاحات 37 إلى 50.

فإذًا كيف ترتبط هذه القصة مع المسيح؟

إن كانت لدينا العيون، سنرى أنََ الكتاب المقدَّس بأكمَلِهِ يوجِّهنا إلى المسيح يسوع، وكذلك الأمر في حياة النبي يوسف.

أحبَّ يعقوب ابنه يوسف، أمَّا المسيح فهو ’’ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ‘‘ (متَّى 3: 17)، وَعندما نضع إيماننا بيسوع المسيح يُسَّرُ الله بنا.

وكما كُرِهَ يوسف من قِبَلِ إخوته، كذلك يسوع المسيح أيضًا، فيقول الكتاب المقدَّس: ’’كانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. أَمَّا الَّذِينَ قَبِلُوهُ، أَيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاسْمِهِ، فَقَدْ مَنَحَهُمُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ.“ (يوحنا 1: 11-12).

كما خان إخوة يوسف أخاهُم وباعوه بثلاثين من الفضَّة. كذلك المسيح أيضًا، باعُه الذي خانَهُ بثلاثين من الفضة (متَّى 26: 15).

اتُّهِمَ يوسف باطِلاً، كذلك المَسيح أيضًا؛ ففي الليلة التي تعرَّض للخيانة فيها، وَقَفَ يَسوع المَسيح للمُحاكمة واتُّهِم بالتجديف على الله (متَّى 26: 15).

تَدَخَّل الله في قصَّة النبي يوسف في المكائد الشرِّيرة وجعلها تأتي بالخلاص من المجاعة. أمَّا يسوع المسيح في المقابل لا يُسَدِّد احتياج شعبَهُ فقط، بل هو نفسَهُ خبز الحياة (يوحنا 6: 35). واستخدم الله ما قصدَهُ البشر للشَّر في صَلب المَسيح وحوَّلَهُ إلى أعظم الأعمال الصالحة التي عَرَفتها البَشَرية. بتدابير الإنسان الشرِّيرة ماتَ المَسيح، لكنَّها كانت خطَّة الله الصالحة لخلاص البَشَرية؛ خلاصهم مِن لَعنة الخطيَّة ومِنَ الخوف مِنَ الهلاك الأَبَديِّ وَمِن ثمن الخطيََّة، وَلَيس من الجوع الجَسَديِّ فقط.

طَلَبَ النبي يوسف في الكتاب المُقدَّس قبل أن يموت أن تُؤخَذ عِظامُهُ إلى أرض المَوعِد عندما يرجِع الشعب إليها؛ أي بَعدَ 400 سنة بقيادة النبي موسى. غيرَ أنَّ يسوع المسيح لم يُعطي أمرًا مثلهُ لعظامهِ لأنَّ المَوت لم يَقدر أن يُبقيه في القَبر؛ إذ إنَّهُ قام مُنتَصِرًا بَعدَ ثلاثة أيَّام من مَوتِهِ. ويُقَدِّم يسوع المسيح انتصارِهُ على الموت لَكَ؛ فإن آمنتَ بيسوع المَسيح مُخلصًا وَفاديًا لَكَ، عندها سَتَختَبر محَبَّة الله وغفرانه ومراحمهُ في كُلِّ يومٍ من حياتِكَ. وَعندما تموت ستُقام إلى الحياة الأبديَّة مع الله.

المسيح مثل النبي يوسُف إنَّما أَعظَّم.

إن كنت تريد أن تعرف كيفيَّة وضع إيمانك بيسوع المسيح، تواصل مَعَنا اليوم وسنساعدك أنْ تأخذ الخطوة الأولى.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8