ما معنى أن المسيح “ذَهَبَ وَبَشَّرَ الأَرْوَاحَ السَّجِينَةَ”؟

فَإِنَّ الْمَسِيحَ نَفْسَهُ مَاتَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِكَيْ يَحُلَّ مُشْكِلَةَ الْخَطَايَا. فَمَعَ أَنَّهُ هُوَ البَارُّ، فَقَدْ تَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ الْمُذْنِبِينَ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، فَمَاتَ بِجِسْمِهِ الْبَشَرِيِّ، ثُمَّ عَادَ حَيًّا بِالرُّوحِ. بِهَذَا الرُّوحِ نَفْسِهِ، ذَهَبَ وَبَشَّرَ الأَرْوَاحَ السَّجِينَةَ. وَذَلِكَ بَعْدَمَا رَفَضُوا الْبِشَارَةَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ، عِنْدَمَا كَانَ اللهُ يَتَأَنَّى صَابِراً طَوَالَ المُدَّةِ الَّتِي كَانَ نُوحٌ يَبْنِي فِيهَا السَّفِينَةَ، الَّتِي نَجَا بِها عَدَدٌ قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ عَبْرَ الْمَاءِ، ثَمَانِيَةُ أَشْخَاصٍ فَقَطْ! وَعَمَلِيَّةُ النَّجَاةِ هَذِهِ مُصَوَّرَةٌ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي لَا نَقْصِدُ بِها أَنْ نَغْتَسِلَ مِنْ أَوْسَاخِ أَجْسَامِنَا، بَلْ هِيَ تَعَهُّدُ ضَمِيرٍ صَالِحٍ أَمَامَ اللهِ بِفَضْلِ قِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي انْطَلَقَ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ الآنَ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ؛ وَقَدْ جُعِلَتِ الْمَلائِكَةُ وَالسُّلُطَاتُ وَالْقُوَّاتُ (الرُّوحِيَّةُ) خَاضِعَةً لَهُ! – بطرس الاول ٣: ١٨-٢٢

تبرئة لجميع أولئك الذين يعانون من أجل البر

المشكلة التي نواجهها في فهم هذا النص هي أننا نركز على الآيات الفردية دون فهم المقطع الذي وردت فيه. من المسلَّم به صعوبة فهم هذا المقطع. يسمي مارتن لوثر هذا “نصاً غريباً وبالتأكيد واحد من المقاطع الأكثر غموضاً من أي مقطع آخر في العهد الجديد“. ولكن إذا طرحنا بعض الأسئلة بشأن المقطع فسيسهل علينا فهمه:

ما هو سياق هذا المقطع؟

ما هو هدف الرسول بطرس من استخدام مثال النبي نوح والمعمودية؟

لماذا ينقل الرسول بطرس قرائه إلى الرب يسوع المرتفع؟

ما هي التعزية التي يحاول الرسول بطرس نقلها إلى المسيحيين المضطهدين؟

تفسير

عندما نقرأ هذا المقطع، يجب أن نتذكر أن الرسول بطرس كتب هذه الرسالة بأكملها إلى أتباع يسوع المسيح الذين كانوا يختبرون الاضطهاد بسبب إيمانهم. يدور السياق الكامل لرسالة بطرس الأولى حول الحقيقة الغريبة المتمثلة في أن أتباع الرب يسوع يعانون من الافتراء وسوء المعاملة والاضطهاد من قِبَل العالم بسبب فعلهم الخير.

يذكرنا الرسول بطرس بأننا نتألم لأننا نتبع المسيح، وهو واقع صعب. ومع ذلك، يجب على المؤمن أن يتوقع الاضطهاد متذكراً أن المسيح، سيدنا وربنا، تألم أيضا. لقد كان باراً وبريئاً تماماً من جميع النواحي، ومع ذلك فقد كان مكروهاً ومضطهداً وتعرض للقتل. لكن الرسول بطرس يذكرنا أنه حتى في موته، الذي كان ذروة آلامه وإساءة معاملته، انتصر الرب يسوع على الخطيئة والموت وكل الشرور.

ومن ثم يشجعنا الرسول بطرس أن نتذكر نوح إذا كنا نختبر الكراهية بسبب إيماننا. فقد سخر العالم كله من نوح وعائلته. كان كل شخص في العالم ضد نوح وعائلته أثناء بنائهم الفلك الذي من خلاله خلصهم الله. ومن ثم يقول الرسول بطرس أنه عندما مات المسيح، أعلن لأرواح أولئك الناس الذين كانوا يضطهدون نوح أن نوح كان محقاً في وضع ثقته في خطة الله للخلاص من خلال الفلك.  

وجهة نظر الرسول بطرس هي أنه لا يوجد مقدار من الألم يمكن أن يختبره إنسان من أجل المسيح لن يتم تبريره في النهاية. قد يسخر منا العالم ويضطهدنا بسبب إيماننا بمخلصٍ مصلوب، لكن ذاك هو الصلب الذي خلَّصنا. يخبرنا رسولنا بطرس أنه حتى لو تعرضنا للسخرية، فيجب أن نتذكر أن لدينا علامة تبرير الله لنا: معموديتنا.

يبدو كما لو أن بطرس يقول: “على الرغم من أننا نختبر الاضطهاد من العالم، فإننا نتذكر علامة الله وختمه علينا من خلال مياه المعمودية. بغض النظر عن الطريقة التي يعاملك بها العالم، تذكر معموديتك حيث أظهر الله نفسه موافقته عليك، وأعلن علنا تبنيه لك ابناً له، ووضع ختمه الأبدي عليك، وعرّفك على أنك من خاصته”. يذكّرنا الرسول بطرس هنا أن معموديتنا هي الدليل على أن خلاصنا هو من الله، بغض النظر عن الآلام والاضطهاد الذي نختبره بسبب إيماننا. فالله هو الذي يعطينا ضميراً طاهراً، بغض النظر عما يقوله العالم عنا. ويمكننا أن نكون متأكدين تماما من هذا، وفقا للرسول بطرس، لأن المسيح قام من بين الأموات وهو جالس عن يمين الله. الآن، بعيدا عن الإذلال وسوء المعاملة، فإن المسيح يحكم ويملك على كل الخليقة. يملك المسيح على الملائكة في السماء. كما يملك المسيح على كل قوى الأرض، الشر والخير. كل شيء في السماء وعلى الأرض يخضع الآن للرب يسوع القائم من بين الأموات. 

رسالة بطرس في هذا المقطع هي أنه كما برّأ الآب المسيح وبرره، فإنه سوف يبررك أيضا.

إذا كنت ترغب في معرفة كيف يمكن للرب يسوع الملك القائم من بين الأموات أن يكون مخلصك، تواصل معنا اليوم.