ما هو التبرير بالإيمان؟

عقيدة التبرير بالإيمان بالمسيح وحده ليست أمراً عادياً، فهي الأساس الذي يميز المسيحية عن باقي الديانات. كما صرح مارتن لوثر، المصلح العظيم وأبو الإصلاح الإنجيلي في أوروبا: “التبرير هو بيان الإيمان الذي تنهض به الكنيسة أو تفشل.”

إن عقيدة التبرير مهمة جدا لدرجة أننا إذا أخطأنا في فهمها ، فإننا نخاطر بتلويث جميع عقائد الإيمان المسيحي الأخرى، وحجب مجد المسيح، وتمزيق فوائد المسيح من المؤمنين المضطربين، وتدمير الراحة والرجاء المقدمين لنا في المسيح.

فإذاً، ما هو التبرير بالإيمان بالمسيح وحده؟

في صميم الإنجيل نجد الوعد بالتبرير، أي أننا، نحن المتمردون ضد الله، تم إعلان براءتنا من قِبَله أمامه “مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيح(رومية 3: 24).

تصرّح عقيدة التبرير أن الله، قاضي العالم، يعلن براءتنا بحسب معيار عدالته الإلهية بأن يغفر لنا كل خطايانا لأجل المسيح الذي مات عنا ناسباً إلينا كامل طاعة حياة المسيح. ننال هذا الفداء من خلال الإيمان الذي لا يمنحنا المسيح فحسب بل كل المزايا الأخرى.

لكن عقيدة الغفران المجاني للخطايا العظيمة والمصالحة الكاملة مع الله كعطية – هي عقيدة مكروهة عند كل ديانات العالم. فهذه الديانات لا تقدم أية أخبار سارة. فرسالتهم هي ذاتها: “عليك أن تكسب الغفران والقبول عند الله بصلاحك وبرّك.”

ما هو البر الذاتي؟

إلى أي حد ينبغي أن تكون صالحاً ليقبلك الله؟ يميل الناس للقول أن الله ينظر إلى نوايا القلب، لكننا إذا فكرنا بجدية بهذا الأمر للحظة واحدة فإننا سنتسمّر من شدة الخوف.

ما معنى أن يدين الله أعمالنا بناء على نوايا قلوبنا؟ هل دوافع قلوبنا نقية؟ ما معنى أن يكون لدينا نوايا أو دوافع نقية تماماً؟ إلى أي مدى ينبغي أن تكون نقاوة دوافعنا لنجتاز تقييم الله بنجاح؟

ما هو الدافع النقي (النية الصافية)

يعلمنا الكتاب المقدس أن النية الصافية هي تلك التي تمجّد الله وتهدف إلى “فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ(1كورنثوس 10: 31). بما أن هذا هو تعريف الدافع النقي فلا ينبغي أن يحوي أي عنصر من الدوافع الشخصية. لذا، فلم يكن أحد يوماً صافي النية والدوافع تماماً. فإن كان الله ينظر إلى دوافعنا، فعلى هذا أن يرعبنا ويقودنا للبحث عن المسيح وقبوله مخلِّصاً لنا لنكون مقبولين أمام الله في المسيح لا بأعمالنا الصالحة.

يعلمنا الكتاب المقدس أننا إذا حاولنا إيجاد قبولنا أمام الله من خلال أعمال الصالحة فإننا ملعونون لأن لا أحد يمكنه أن يبرر نفسه أمام الله من خلال حِفظ الشريعة. “أَمَّا جَمِيعُ الَّذِينَ عَلَى مَبْدَأِ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ، فَإِنَّهُمْ تَحْتَ اللَّعْنَةِ،… وَلَكِنَّنَا، إِذْ عَلِمْنَا أَنَّ الإِنْسَانَ لَا يَتَبَرَّرُ عَلَى أَسَاسِ الأَعْمَالِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الشَّرِيعَةِ بَلْ فَقَطْ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَتَبَرَّرَ عَلَى أَسَاسِ الإِيمَانِ بِهِ، لَا عَلَى أَسَاسِ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ، لأَنَّهُ عَلَى أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ لَا يُبَرَّرُ أَيُّ إِنْسَانٍ(غلاطية 3: 10، 2: 16).

لو كنت ربحت دخولك إلى السماء بأعمالك الصالحة عندها ما تملكه يكون ما يدين به الله لك. فقد تبرَّرت بأعمالك وليس بعطية نعمة الله. يقول الرسول بولس: “أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ، بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ(رومية 4: 4). لكن هذه أخبار مروعة بالنسبة لنا، لأن الكتاب المقدس يعلم “إِنْ كُنْتَ تُرَاقِبُ الآثَامَ يَا رَبُّ، يَا سَيِّدُ، فَمَنْ يَقِفُ؟(مزمور 130: 3).

لكن الإنجيل هو الأخبار السارة.

حمل المسيح خطايا العالم مرضياً عدالة الله الكاملة تماماً. لذا، فإن الله رحيم نحونا لأجل المسيح الذي تألم وقام من الموت من أجلنا. لأن المسيح دفع ثمن خطايانا فلا يحاسبنا الله على خطايانا وإنما ينسب لنا برّ المسيح.

في المسيح، لم نخلص من عقاب خطايانا وتطهرنا من فسادها فحسب بل تم إعلاننا مقدسين في نظر الله لابسين ثياب بِرّ المسيح. نعم، في المسيح، تبرأنا من خطايانا وتحررنا من خوف الموت إذ حوّل الله دينونتنا إلى قبول. وأخيراً، اتحدنا مع المسيح وأصبحنا ورثة للحياة الأبدية معه.

أولاً وأخيراً، الله وحده مَن يبرّءنا، ليس بسبب صلاحنا الداخلي وإنما لأجل المسيح، ماحياً عنا خطايانا وناسباً لنا بِرَّ المسيح.

هذه مزايا وعطايا التبرير بالإيمان في المسيح وحده التي لا نبغي فقدانها بمحاولة ربح طريقنا لقبول الله لنا.

تواصل معنا اليوم لتعرف كيف يمكنك قبول غفران كل خطاياك في المسيح.