التعامل مع الغضب

نعرف جميعاً شعور الغضب. سواء كان سببه قطع أحدهم الطريق أمامي أو تعرّضي للسلب في السوق، أو اكتشافي كذب صديق لي أو التلاعب بي من قِبَل شريك حياتي. فالغضب أمر نراه في الآخرين ونتعامل معه بشكل شخصي في كل يوم.

ليست كل أنواع الغضب سيئة بالطبع، إذ يمكنك ان تشعر بالغضب بسبب الظلم الذي تراه في العالم والحروب والفساد والإسادة الجسدية أو النفسية، فهذه الأمور كلها مدعاة للغضب.

لكن الكثيرين منا يواجهون مشكلة مع الغضب غير المُبَرَّر. إذ نثور غضباً في وجه الآخرين ونعاملهم وكأنهم أقل بشرية منا وليس لهم كرامة. كم مرة سمعت أناساً يصرخون في وجه بعضهم بعضاً شاتمين؟ كم مرة رأيت أناساً يتعاملون بلؤم مع آخرين؟ وكم مرة رأيت أناساً يحاولون الانتقام من آخر بدون وجود سبب وجيه؟ هذه الأمور تحدث طوال الوقت.

في الكتاب المقدس الكثير يعلمه فيما يخص الغضب. 

فالكتاب المقدس يعلم أن بطيء الغضب كثير الفهم بينما الأحمق يهتاج بسرعة (أمثال 14: 29). فتوجّهنا كلمة الله لعدم الاستجابة نحو الأمور السيئة التي يفعلها الآخرون في حقنا بنفس الطريقة (أمثال 24: 29). فالرجل الغضوب يوصف في الكتاب المقدس بالأحمق الذي يكرر حمقه مرة تلو الأخرى (أمثال 19: 19).

تكلم يسوع المسيح مراراً عن الغضب، فبالنسبة إليه لم يكن الأمر سخيفاً. إذ علم المسيح “سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلأَقْدَمِينَ: لَا تَقْتُلْ! وَمَنْ قَتَلَ يَسْتَحِقُّ الْمُحَاكَمَةَ. أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ، يَسْتَحِقُّ الْمُحَاكَمَةَ(متى 5: 21-22).

يأخذ المسيح أمر الغضب محمل الجد مساوياً إياه بالقتل.

ما فهمه المسيح من شريعة الله هو أنها لا يُقصَد بها إطاعة نص الشريعة حرفياً (لا تقتل) بل أن يُنظَر في روح الشريعة (أحب الآخرين). لذا، عندما يقول الله أن علينا أن لا نقتتل فيما بيننا فهذا يعني أنه لا ينبغي بنا فعل أي شيء يسيء إلى حياة الآخرين. فالقتل يبدأ بالغضب غير المبرر والكراهية وهذا يشمل الشتائم والإهانات والافتراء والعدائية تجاه الآخرين.

كما أن علينا فعل عكس القتل والغضب تماماً وهذا يشمل ما هو أكثر من مجرد عدم أذية الآخرين بل يشمل أن نفعل كل ما فيه مصلحة الآخرين وإكرامهم. بكلمة أخرى، علينا أن نحبهم لا أن نكرههم.

في الواقع، يعلم الكتاب المقدس “لَا تَدَعِ الشَّرَّ يَغْلِبُكَ، بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ.(رومية 12: 20-21). كأتباع يسوع المسيح، لا ينبغي أن يكون رد فعلنا للشر بالانتقام بل بطلب ما هو في خير الجميع. هذا لا يعني بالطبع أن نمكّن الآخرين من أذيتنا أو السماح بحدوث الإساءة –لا سمح الله – لكنه يعني أن لا نستجيب بالغضب بل بالمحبة تجاه الذين يسيئون إلينا.

يعلم الكتاب المقدس أن الله أحبنا عندما كنا غير محبوبين، قبل أن نفعل أي شيء صالح، بينما كنا لا نزال أموتاً في خطايانا وتمرّدنا ضد الله، هو أحبنا. لم ينتظر إلى أن نطهّر أنفسنا ليحبّنا، بل أحبنا بينما لا نزال مغمورين في قذارة خطيتنا. لم ينتظر الله أن نصبح أناساً رائعين قبل أن يرحمنا بل نظر إلينا بعطف فيما نحن لا نزال في عداء تجاهه.

بعد أن لمسنا الله بمحبته وخلاصه جعلنا خليقة جديدة تبدو مثل ربنا يسوع المسيح إذ ملأنا بروحه القدوس فأصبحنا الآن نعيش حياة تُظهر محبته لنا. يعلم الكتاب المقدس أن علينا أن نثمر بـ”ثمر الروح” الذي هو “محبة، فرح، سلام، طول أناة (صبر)، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف (ضبط نفس)(غلاطية 5: 22-23).

إن كنت ترغب باختبار خلاص الله وتصبح خليقة جديدة في المسيح يسوع مثمراً بثمر الروح، تواصل معنا اليوم ونحن سنساعدك.