معالجة الشك

تخيّل هذا المشهد: أنت واحد من أتباع المسيح، وقد أمضيت آخر ثلاث سنوات  في رفقته بشكل يومي. وقد سمعتَه يعلّم عن شخص الله  ببصيرة نافذة وبقوة وسلطان لم يسبق لك أن سمعت بهما مسبقاً. وفوق هذا، فقد رأيت بأم عينيك المسيح يقيم الموتى ويعيدهم إلى الحياة، وشهدتَ خضوع الشيطانين أنفسهم أمامه  في خوف، وشاهدت متعجباً شفاءه لكل مرض، ورأيتَ كيف أحبَّ الضعفاء وغفر للخُطاة واهتم بالفقراء ونقّى النجسين، ورأيت كيف مشى على الماء وهدّأ البحر المائج بأن أمر الرياح والمطر بالتوقف، وكيف أطعم خمسة آلاف رجل مستخدماً بضعة أرغفة من الخبز وبعض السمك فقط، وذُهِلتَ فيما أنت تراقب تحقق النبوءات القديمة عن مجيء مخلص العالم أمام ناظريك.

لكن بعدها، شاهدت برعب فيما يتم إلقاء القب على هذا المسيح نفسه من قِبَل اليهود ويخضع لمحاكمة الرومان ومن ثم يُجَرَّد من ملابسه ويُضرب بالعصي ويُجلَد ظهره ويثبَّت إكليل من الشوك على رأسه ومن ثم يتم صلبه بشكل علني على صليب. شاهدتَ ذاك الذي وضعت كل آمالك ورجاءك فيه يموت ميتة مذلّة أمام مئات الناس، وراقبتَ جندياً رومانياً يطعن جسد المسيح الميت بحربة ليتأكد من موته، وكنتَ هناك عندما أنزلوا جسده الخالي من الحياة عن الصليب ودفنوه في قبر.

إن كنتَ قد شهدتَ حدوث كل ذلك، ماذا ستكون ردة فعلك؟

كان توما واحداً من تلاميذ المسيح الاثني عشر، وقد اختبر حدوث كل هذه الأمور. بعد ثلاثة أيام من صلبه، رأى بعض التلاميذ المسيح يقوم من بين الأموات، وكانوا مندهشين ومتحمسين عندما أخبروا توما بما رأوه. لكن توما شكّ بطبيعة الحال وقال “لَا أُصَدِّقُ ذَلِكَ إلَّا إذَا رَأيْتُ آثَارَ المَسَامِيرِ فِي يَدَيهِ، وَوَضَعتُ إصْبِعِي فِي آثَارِ المِسَامِيرِ، وَيَدِي فِي جَنْبِهِ!(يوحنا 20: 25).

شكّ توما! كان المر أكبر من أن يُصدَّق، فقد رأى المسيح، ذاك الذي وضع رجاءه فيه، رآه يموت. فلم يمكنه أن يصدق لمجرد سماع أحدهم يقول أنه قام من بين الأموات. لقد احتاج لإثباتٍ أقوى من مجرد كلام أصدقائه.

بمجرّد قول توما لتلك الكلمات، دخل يسوع المسيح نفسه إلى الحجرة التي كانوا يتكلمون فيها. وتحرك المسيح نحو توما، وما فعله تالياً يفاجئني دائماً، إذ كنت أتوقع أن يكون المسيح غاضباً من توما بسبب شكّه، فأتوقع منه أن يقول شيئا مثل “يا توما، كيف تجرؤ على الشك فيّ؟ ألم أقل لك أكثر من مرة أنني ينبغي أن أموت على الصليب ولكنني سأقوم في اليوم الثالث؟ كيف يمكن أن يكون إيمانك بهذا الضعف؟ أنت لا تستحق أن تكون تابعاً لي!” هذا هو رد الفعل الذي أتوقعه من المسيح.

لكن المسيح استجاب بطريقة تختلف تماماً عن توقعاتي. إذ نظر المسيح إلى عيني توما وبمحبة مدّ يديه المثقوبتان وقال: السَّلَامُ مَعَكُمْتَعَالَ وَضَعْ إصبَعَكَ هُنَا وَانْظُرْ إلَى يَدَيَّ، وَضَعْ يَدَكَ فِي جَنْبِي. كَفَاكَ شَكًّا وَآمِنْ(يوحنا 20: 26-27).

بدلاً من انتهار توما بسبب شكه أو الغضب منه، أحبَّه المسيح ومنحه كل ما احتاج إليه ليؤمن.

إن كنت تصارع مع الشك، استرح في حقيقة أن الله ليس غاضباً منك. إنه يحبك ولا يريدك أن تؤمن إيماناً أعمى، بل يريدك أن تكون واثقاً تماماً بما تؤمن فيه. المقطع الذي اقتبسنا منه الآيات أعلاه ينتهي بقوله “أمَّا هَذِهِ المُعجِزَاتُ فَقَدْ دُوِّنَتْ لِكَي تُؤْمِنُوا بِأنَّ يَسُوعَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ اللهِ، فَتَنَالُوا بِالإيمَانِ حَيَاةً بِاسْمِهِ(يوحنا 20: 30-31).

لقد أعطانا الله الإنجيل لنقرأه وندرسه لنجد فيه الإجابات لشكوكنا. إن كنت تصارع مع الشك، أمسك إنجيل يوحنا وبدأ بقراءته، فستجد السلام في روحك والسلام مع الله من خلال ما فعله المسيح من أجلك.

إن كانت لديك أية أسئلة أو كنت ترغب بمعرفة كيف يمكنك أن تتعرف على المسيح بشكل شخصي، تواصل معنا اليوم ونحن سنساعدك.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8