لماذا قال المسيحلم آتِ لصنع مشيئتي؟

نحن بالكاد نعرف شيئاً عن طفولة يسوع المسيح. إذ يُعلِمنا كاتبو الكتاب المقدس بحسب الوحي التفاصيل الدقيقة لولادة المسيح، لكنهم بالكاد يذكرون شيئاً عن طفولته. فنحن لا نملك سوى قصة واحدة عن نشأة يسوع المسيح عندما كان في الثانية عشرة من عمره. وفي هذه القصة يقول المسيح اليافع لأمه وأبيه أنه ينبغي أن يقوم بعمل أبيه (لوقا 2: 49).

منذ لحظة ولادة المسيح وطوال حياته وآلامه وموته وقيامته وصعوده بالجسد إلى السماء، كل ما فعله كان مشيئة أبيه في السماء.

قد لا يبدو هذا أمراً بالنسبة لك، فلا بد للمسيح أن يفعل مشيئة أبيه، وإلا ماذا كان سيفعل؟ لكن هنالك معنى أعمق لهذه الفكرة من ذاك الذي أدركته، وهو بلا شك أفضل بكثير مما يمكنك تخيله يوماً.

شدد المسيح باستمرار أنه لم يكن يصنع مشيئته وإنما مشيئة أبيه في السماء (يوحنا 6: 37-40)، فقد قال: “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً. كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني(يوحنا 5: 30). ومرة أخرى قال: “طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمّم عمله(يوحنا 4: 34). كما قال ليوحنا المعمدان لكي يعمّده “لأنه هكذا يليق بنا أن نُكَمِّل كل برّ(متى 3: 15).

لماذا يتكلم المسيح بهذه الطريقة؟ لماذا يقول المسيح باستمرار أنه لم يأتِ لفعل مشيئته بل مشيئة أبيه في السماء؟ هل كان هنالك فرق بين مشيئة المسيح ومشيئة الاب؟

ما هي أهمية هذا التأكيد؟

لأن الله قدوس ويحبنا، أعطانا شريعته الصالحة والمقدسة ليقودنا إلى علاقة معه ويُظهر لنا كيف نعيش في سلام مع الآخرين من حولنا. شريعة الله صالحة وتقودنا إلى السلام مع الله والبشرية (رومية 7: 12). تبرز المشكلة من واقع أننا نفشل في إطاعة مشيئة الله بشكل يومي.

الشريعة هي مشيئة الله وترشدنا للكيفية التي ينبغي أن نعيش بحسبها حياة قداسة وبر وتقوى. تظهر شريعة الله كيف نعيش حياتنا بقداسة وتعلمنا أهمية القداسة الداخلية. فشريعة الله توصينا بأن تكون أفكارنا ونوايانا ومشاعرنا القلبية مقدسة. فليس علينا أن نتجنب الخطية مثل الكذب والسرقة والزنى فحسب بل علينا أن يكون لنا محبة لله نابعة من القلب تطلب مجده وتُسَرُّ بمشيئته وتطيعها بفرح.

ليس هذا فحسب، بل إن الله يدعونا لأن نحبه من كل قلبنا وفكرنا ونفسنا (تثنية 6: 5). علينا أن نحب كل ما يتعلق بالله؛ عدله وقداسته وسيادته ووصاياه وكل طُرُقه. علينا أن نحب الله بطريقة لا يمكن لأي شيء في حياتنا أن ينافس محبتنا له وعاطفتنا نحوه وفرحنا فيه.

واستجابة لمحبة الله لنا علينا أن نحب كل ما هو حولنا؛ أي كل من أصدقائنا وأولئك الذين يبغضوننا. فنحن مدعوون من قِبَل الله لحماية كرامة وصحة جميع الناس ومعاملة الجميع بحسب ما نريدهم أن يعاملوننا (لوقا 6: 27-31).  

هل بدأت باستشعار مقدار فشلنا في فعل مشيئة الله بشكل يومي؟

لكن الله لم يدعنا نحاول أقسى ونفعل أكثر، بل أرسل المسيح إلى العالم ليفعل لنا ما لا نقدر على فعله بأنفسنا، أي أن نطيع مشيئة الله (رومية 8: 3-4).

ولهذا يكرر المسيح قوله بأنه لم يأتِ لفعل مشيئته وإنما مشيئة أبيه في السماء.  فنحن نستمر في الفشل في فعل مشيئة الله ونستمر بالعيش بحسب معاييرنا. لكن الله أرسل المسيح إلى العالم ليفعل مشيئته من أجلنا ونيابة عنا. أرسل الله المسيح إلى العالم ليكون بديلاً عنا، مخلصاً لنا وفادياً، فأخذ مكاننا في كل من حياته وموته. لقد أطاع مشيئة الله من أجلنا بطاعته الكاملة ومات الميتة التي نستحقها في موته على الصليب (فيلبي 2: 8).

عندما يقول المسيح أنه لم يأتِ ليفعل مشيئته بل مشيئة أبيه في السماء فهو يقول كلمة رجاء ووعد وراحة لنا.

عندما تقرأ في الكتاب المقدس أن المسيح جاء لا ليفعل مشيئته بل مشيئة أبيه في السماء، تذكر أن هذا لا يعني أن هنالك فرق بين مشيئته ومشيئة أبيه، بل إنها بشارة كلمة رجاء وراحة وتعزية للمؤمن الذي يخطئ الذي يحب الله لكنه يفشل في إطاعته إلى التام. قال المسيح هذه من أجلك.

إذا كنت ترغب بمعرفة كيف يمكنك أن تقبل المسيح الذي أطاع إلى التمام من أجلك، تواصل معنا اليوم ونحن سنساعدك لتأخذ خطواتك الأولى.