هل هناك أكثر من إنجيلٍ واحد؟

إنَّ الكلمة العربيَّةإنجيلتأتي من الكلمة اللَّاتينيَّةإيفانجيلي” (Evangeli) والمأخوذة بدورها من الكلمة اليونانيَّة الأصليَّةإيفانجيليو” (Evangelio) والتي تعني: “خبرٌ سارٌّ، أخبارٌ طيِّبةٌ (بُشْرى / بشائر)، تقريرٌ حسنٌ، والذي يغنِّيه المرء ويعلنه بابتهاج“.

تخبرنا رسالة الإنجيل عن حياة المسيح وكيف أنَّه بموته ابتلع الموت من أجلنا. هذه الرسالة تخبرنا عن برِّ المسيح الذي بواسطته يغفر خطايانا. إنَّها تشرح خلاص المسيح الذي بواسطته تغلَّب على الجحيم واللعنة من أجلنا. إنَّها تصِفُنا بأنَّنا خطاةٌ أردياء كان يغطِّينا العار والضعف وبأنَّنا في طريقنا إلى الجحيم، وكذلك تَصِف إلى أيِّ حدٍّ يُحِبُّنا الله رغم خطيئتنا. لا توجد رسالةٌ أخرى تريح الخطاة أكثر من رسالة الإنجيل التي نجد بواسطتها الحياة والاسترداد من خطيئتنا. إذًا فالإنجيل ليس كتابًا، وليس مخطوطةً، وليس ديانةً؛ إنَّه رسالةٌ عن يسوع المسيح. والكتاب المقدَّس يقول أنَّه توجد رسالةٌ واحدةٌ فقط؛ يوجد إنجيلٌ واحدٌ فقط (غلاطية 6:1-9).

هذا الإنجيل مسجَّلٌ لنا في أربعة سجلَّاتٍ تروي لنا تفاصيل حياة يسوع المسيح وعمله. هذه الأناجيل ليست أربعة أناجيلٍ مختلفةٍ، ولكن أربعة سجلَّاتٍ للإنجيل الواحد والوحيد. سُطِّرَتْ هذه السجلِّات لنا بواسطة متَّى ومرقس ولوقا ويوحنَّا.

البشارة (الإنجيل) الأولى المسجَّلة لنا هي البشارة بحسب البشير متَّى

كتب متَّى بصورةٍ أساسيَّةٍ إلى اليهود، مُقدِّمًا يسوع المسيح الذي من الناصرة بوصْفه المسيح (المسيَّا) المنتظَر والملك الشرعيَّ الذي كان شعب إسرائيل ينتظره منذ فترةٍ طويلة. وتُركِّز سلسلة النَسَب في هذا الإنجيل على سلالة المسيح الملكيَّة المنحدرة من أعظم ملكٍ لإسرائيل وهو داود. تتخلَّل كلَّ إنجيل متَّى اقتباساتٌ من العهد القديم تُقدِّم جوانب متنوِّعةً من حياة المسيح وخدمته التي تمثِّل إتمام نبوءات العهد القديم المختصَّة بالمسيح. كتب متَّى إنجيله ليقوِّي إيمان المسيحيِّين الأوائل، وبينما أنت تقرأه سوف يتقوَّى إيمانك أنت أيضًا.

البشارة الثانية المسجَّلة لنا هي البشارة بحسب البشير مرقس

ركَّز مرقس على الأمم (الشعوب غير اليهوديَّة). إنجيل مرقس هو إنجيل الحركة والأفعال؛ فالاستعمال الشائع لكلمةللوقتوكلمةثمَّيُبقي سرد الرواية سريعًا طوال الوقت. يظهر يسوع المسيح في إنجيل مرقس بوصْفه الخادم (قارن مع مرقس 45:10) الذي جاء ليتألَّم عن خطايا الكثيرين. بينما تقرأ في إنجيل مرقس، سوف ترى كيف أنَّ المسيح ليس فقط تألَّم عن خطايا الكثيرين، بل أيضًا عنك وعن خطاياك بالتحديد.

البشارة الثالثة المسجَّلة لنا هي البشارة بحسب البشير لوقا

خاطب لوقا الأمم على نطاقٍ أوسع من مرقس. يركِّز لوقا على الناس الذين تفاعل المسيح معهم، ويُبرِز كيف يساعد المسيح المرفوضين والفقراء والخطاة والنساء والأمم. لقد كان لوقا باحثًا حريصًا (لوقا 1:1-4) ومؤرِّخًا دقيقًا. يُصوِّر لوقا يسوع المسيح بوصْفهابن الإنسان” (وهو لقبٌ يظهر 26 مرَّةً)، وبوصْفه الجواب لاحتياجات الجنس البشريِّ وآماله، وبوصْفه الشخص الذي جاء لكي يطلب ويخلِّص الخطاة التائهين (لوقا 56:9؛ لوقا 10:19).

البشارة الرابعة والأخيرة المسجَّلة لنا هي البشارة بحسب البشير يوحنَّا

إنجيل يوحنَّا هو آخر إنجيلٍ كُتِب، ويُبرِز ألوهيَّة يسوع المسيح وملكوته الروحيّ. وكتب يوحنَّا إنجيله ليقوِّي إيمان المؤمنين ولكي يناشد غير المؤمنين ويدعوهم إلى قبول الإيمان بالمسيح. وقد ذكر الرسول يوحنَّا بوضوحٍ هدف كتابته لهذا الإنجيل في الآية 31:20 “… هذِهِ فقد كُتِبَتْ لتؤمِنوا أنَّ يَسوعَ هو المَسيحُ ابنُ اللهِ، ولكي تكونَ لكُمْ إذا آمَنتُمْ حياةٌ باسمِهِ.

إذا نظرنا إلى الأناجيل الأربعة معًا، يمكننا أن نرى أنَّها تنسج لوحةً كاملةً تصوِّرالإلهالإنسانيسوع المسيح الناصريّ. نرى في المسيح الإنسانيَّة في كمالها والألوهيَّة في كمالها، ممَّا يجعله الذبيحة الوحيدة عن خطايا العالم، وربًّا جديرًا لأولئك الذين يؤمنون به.

“وَخَاطَبَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً فَقَالَ: «أَنَا نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلا يَتَخَبَّطُ فِي الظَّلامِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ».”

إنجيل يوحنا 12:8