الصليب: لعنة وبركة

نَادَى يَسُوع المَسِيحُ عَلَى الصَّلِيبِ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ وَقَال: ’’إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟‘‘.

لطَّالَمَا جَادَلَ الكَثِيرُ عَنْ حقيقة موت يَسُوع المسيح على الصَّلِيب؛ فمُجَرَّدِ فكرةُ صَلبِ المَسِيح تُغضِبُ البعض، لَكِنَّ الكِتَابُ المُقَدَّس يَتَحَدَّثُ بِوُضُوحٍ شَدِيدٍ عن أَنَّ المَسِيحَ مَات عَلَى الصَّلِيب كَفّارة عن خطايانا. والذي لَا يَفْهَمُهُ الكَثِيرُ هُوَ مَا كَانَ يَحْدُثُ عَلَى الصَّلِيب؛ لِمَاذَا كَانَ عَلَى المَسِيحِ أَنْ يَمُوتَ؟ مَا الَّذِي يَعْنِيهُ ’’تَرْكُ‘‘ اللهِ لِلمَسِيحِ عَلَى الصَّلِيبِ؟

لكي نفهم كلمات المَسِيح هذه وأهميَّتها، علينا أن نفهم ما يُعَلِّمُهُ الكتاب المقدَّس عن البَرَكة وَاللَّعْنَة. ولكي نفهم اللعنة علينا أن نفهم ما تعنيه البركة بِحَسَبِ كلمة الله. كتِبَ موسى في سفرٍ اسمهُ سفر العَدد، أنَّ هُناكَ بَرَكَةً يعطيها الكاهن لِشعب الله:

’’ يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ.

يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ.

يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَمًا‘‘. (العدد 6: 24-26)

ماذا يعني أن تكون مُبارك؟ الشخص المُبارك هو الذي يَحفَظُهُ الله، والذي يختبر صلاح الله في حياته. إنَّ أعظم بَرَكة تُعطى لإنسان هي مسرَّة القرب من الله وحُضورهِ. أمَّا اللَّعْنَةِ فهي على عكس البَرَكة. أن تُلعَن هو أن تكون بعيدًا عن حضور الله، وأن تختَبر سخطهُ ودَينونتهُ.

فإذًا إن أعدنا كتابة البَرَكة السابقة في كَلِمات اللَّعْنَة، ستبدو كهذا:

لِيَلْعَنَكَ اللهُ وَلِيُجْلَبَ الدَّمَارَ عَلَيْكَ.

لِيَبْتَعِدْ اللهُ عَنْكَ وَيَجْلِبُ الدينونة عَلَيْكَ.

يُبْقِيكَ الرَّبُّ في بالظَّلَامِ ويأتيك بِاِضْطِرَابَاتٍ.

هَذَا هُوَ مَفْهُومُ شَعْبِ اللهِ عَنْ البَرَكَةِ واللَّعنة الآتِيَةُ مِنْ اللهِ.

بينما كان شَعبَ الله هائمًا في البريةِ لِأربعين سنة وبعدما أُطلِقوا من العبودية في أرض مِصر، أمرهم الله أن يَنصِبوا الخيم بحَسب الأسباط ملتفِّين حَول صندوق العَهد حيثُ سكن حضور الله. كان الله حاضِرًا في وَسَطِهم بكلِّ ما تعنيه الكَلِمة، وأن تكون في خارج المخيَّم هو أن تكون خارج حضور الله.

ومن هذا نَجِدُ توضيحًا آخر في يَومِ الغفران الذي يَحتَفِلُ شعب الله به سنويًّا. فيه كانوا يأخذون خروفًا ونعجةً، ويُذبح الخَروف بطقوسٍ معيَّنة تكفيرًا عن خطايا الشعب. أمَّا النعجة، فكانت توضع خطايا الشعب عليها بعد القيام بطقوسٍ معيَّنة فتساق إلى خارج المخيَّم، أي خارج حضور الله، إلى البريَّة كي لا تُرى مرَّةً أخرى.

الآن ما الذي يعنيه لنا هذا؟

يقول الكتاب المقدس: ’’ملْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الشريعة لِيَعْمَلَ بِها‘‘ (غلاطية 3: 10). إنَّ ثمن عصيان شريعة الله هو اللعنة، وأن تَختَبر دينونة الله وسَخطُهُ. إنَّنا جميعًا خُطاة وجميعُنا عصينا شريعة الله وجميعُنا نستحق غَضَبهُ. لَكِّنَ الله أحَبَّنا وأعدَّ لنا منفذًا، فأرسل يَسُوع المَسِيح ليحمل اللَّعنة ويأخُذ مَكاننا. من أجلنا، أصبح يَسُوع المسيح لَعنَةً على الصَّلِيب. ’’اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ الشريعة، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: “مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ“‘‘ (غلاطية 3: 13).

بينما كان المسيح مُعَلَّقًا على خَشَبة الصَّلِيب أخذ اللّعنة التي كنَّا نحنُ نستحِقُها. ووضَعَ عليه الله العِقاب وغَضَبهُ الكامل تجاه البشريَّة. سحق الله يَسُوع المَسِيح على الصَّلِيب لِكَي تحظى أنتَ بالحياة وتَرَك الله يَسُوع على الصَّلِيب لكي تُقبَل أنتَ. ودان الله المسيح على الصَّلِيب كي تختَبِر أنتَ الرَحمة. كان المسيح في ظلمةٍ حالكةٍ على الصَّلِيب كي تَعيش أنتَ بنورِ الله. وأختبر المسيح الإضطراب كي تَختَبر أنتَ السلام. وعلى الصَّلِيب صَرَخ المسيح ’’إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟‘‘. لقد ترَكَهُ الله من أجلِكَ أنتَ.

لكِنَّ القُصة لا تنتهي هُنا، بل بعدما صَرَخَ المَسِيح: ’’لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟‘‘ قال: ’’يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي. وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ‘‘. بهذه الكلمات سلَّم المسيح نفسه ليدي الله، فدُفِع ثمن اللَعنة وأصبح خلاصًا للخُطاة.

يُمكِنُكَ أن تَختَبر بَرَكة الله الكاملة بأن تثق بعَمَل يَسُوع التَّام على الصَّلِيب من أجلِكَ. تواصل مَعَنا اليوم لمعرفة المزيد لنساعدك أن تبدأ الرحلة.