لماذا كان المسيح مستعداً لأن يُصلَب؟

بالنسبة للكثيرين فإن فكرة أن يُصلَب نبي غير مقبولة. فالصلب كان فظيعاً بكل ما في الكلمة من معنى. لقد استخدم الرومان الصلب كنوع من العقوبة القصوى المخصصة للعبيد والأجانب وأسوأ المجرمين. إذ قبل الصلب، يُجلَد الشخص المُدان ويُضرَب ومن ثم يتم تعريته وتجريسه (قيادته مقيداً) عبر الشوارع العامة فيما هو حاملٌ صليبه. ومن ثم تُدَقُّ المسامير في يديه ورجليه لتثبيته على خشبة الصليب قبل أن يُرفَع ليراه الجميع. يُعَلَّق المصلوب على الصليب إلى أن يموت. لذا فالصلب كان طريقة مُذِلَّةً للموت، فكان ممنوعاً أن يُصلَب أي مواطن روماني.

إذاً، كيف يؤمن أتباع المسيح بأن هذه الميتة المهينة قد تلقاها نبيهم؟ لماذا يؤمن أيٌّ كان في عقيدة  الصلب؟

يؤمن المسلمون أن الله ما كان ليسمح أبداً بتألم المسيح بهذه الطريقة، بل يؤمنون بأن الله خلّص المسيح من عار الصليب بأن استبدله بشخص آخر يشبهه.

لكن المسيحيون يؤمنون بأن المسيح لم يُصلَب فحسب، بل كان الصليب هو هدف حياته وأنه فعل ذلك طوعاً.

لماذا كان المسيح مستعداً لأن يُذَل بألم الموت على الصليب؟

لنفهم هذا، علينا أن نفهم شريعة موسى في العهد القديم. ففي شريعة موسى (التوراة)، أمر الله أن يقدم شعبه ذبيحة كأضحية عن خطاياهم مرة في السنة، فكانوا يأخذون حَمَلاً أو نعجة أو كبشاً ويقدمونه لله نيابة عنهم ومن ثم يذبحونه بسفك دمه. مثَّلت هذه الذبيحة اعترافاً بالذنب. فبتقديم ذبيحة الحيوان تعترف أنك خاطئ وأنك تستحق أن يُسفَك دمك بسبب عصيانك لشريعة الله المقدسة.

في كل عام، كان شعب الله يحضرون الحيوانات إلى المذبح ويضحّون بها لغفران خطاياهم. لكن مع كل ذبيحة كان هنالك تذكير جديد بالذنب. كل حيوان يُذبَح كان تذكيراً بأنني أستحق الموت بسبب خطاياي. ذات العلامة التي كان يُفتَرَض بها أن تعطيني رجاءً تحولت إلى علامة ذنب دائم أمام الله. وبرؤية هذا الواقع المريع، كان شعب الله يصرخون “فَيَا لِي مِنْ إِنْسَانٍ تَعِيسٍ! مَنْ يُحَرِّرُنِي مِنْ جَسَدِ الْمَوْتِ هَذَا؟(رومية 7: 24). 

عندما جاء يسوع المسيح إلى العالم، لم يطالب بالمزيد من الذبائح أو المزيد من الدم أو المزيد من الحيوانات، أو المزيد من التقدمات. جاء المسيح ليقدّم نفسه ذبيحة كأعظم وآخر ذبيحة عن الخطايا. فتضحيته ستكون خاتمة كل الأضاحي والذبائح، لأن المسيح جاء ليخصلنا من ذنبنا وخطيتنا بأن يصبح ذبيحة فداء لنا.

قال المسيح نفسه أنه هو الراعي الصالح وأنه سيضع نفسه (يضحي بنفسه) من أجل خرافه (يوحنا 10: 11). قال المسيح أن الله نفسه سُرَّ به لأنه أطاع حتى موته على الصليب. اقرأ كيف وصف المسيح موته الآتي: 

إِنَّ الآبَ يُحِبُّنِي لأَنِّي أَبْذِلُ حَيَاتِي لِكَيْ أَسْتَرِدَّهَا. لَا أَحَدَ يَنْتَزِعُ حَيَاتِي مِنِّي، بَلْ أَنَا أَبْذِلُهَا بِاخْتِيَارِي. فَلِي السُّلْطَةُ أَنْ أَبْذِلَهَا وَلِيَ السُّلْطَةُ أَنْ أَسْتَرِدَّهَا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ تَلَقَّيْتُهَا مِنْ أَبِي (يوحنا 10: 17-18).

لم يُسَرّ الآب باستعداد المسيح لتقديم حياته للموت فحسب، بل إنها كانت خطة الآب أن “يُذبَح” المسيح على الصليب. تنبأ المسيح ليس فقط بموته بل الأهم، تنبأ بقيامته من بين الأموات أيضاً.

يعلمنا الكتاب المقدس أن المسيح سار طوعاً إلى موته على الصليب.

بالرغم من أن اليهود اعتقلوا المسيح واتهموه زوراً بالتجديف وأصدروا عليه حُكم الإدانة في محكمة يهودية، وبالرغم من أن الحاكم الروماني أصدر حُكمَه عليه بالموت صلباً، أعلن المسيح أن لا أحد يسلبه حياته، وأعلن أنه سيضع حياته طوعاً، ولم يقل أنه سيضع حياته طوعاً فحسب بل أخبرنا لماذا يفعل هذا، لكي يصبح “فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ(متى 20: 28؛ 1تيموثاوس 2: 6).

سار المسيح طوعاً إلى الصليب ليفديني ويفديك من خطايانا.

أن يفتدي شيئاً يعني أن يدفع ثمن إعادة الشراء. ويعني أن يستعيد الكرمة. ويعني أن يسدّد ديناً. ويعني أن يحرر شخصاً من العبودية، ويعني أن يستبدل شيئاً بشيء آخر.

سار المسيح طوعاً إلى الصليب ليفتديك، ليشتريك ثانية لنفسه، ليعيد لك كرامتك، ليسدّد دينك نحو الله، ليحررك من عبودية الخطية.

في طاعة المسيح للآب ليموت طوعاً بدلاً عنا، سكب الله كرامته على المسيح وبرّأه من عار الموت بأن أقامه من بين الأموات (1بطرس 1: 21). لم يعد المسيح ميتاً الآن، بل هو يملك في السماء على يمين الآب.

سار المسيح طوعاً إلى الصليب ليخلصك ويفتديك ويعيد لك الشركة مع الله. لم يجبر أحد المسيح على الموت كذبيحة كفارية عن خطاياك، بل هو فعل ذلك لأن ذلك أسرَّ الآب ولأنه يحبك. المسيح يحبك لدرجة أنه حمل طوعاً عار ومذلة الموت على الصليب من أجلك.

إذا كنت ترغب بمعرفة الله معرفة شخصية من خلال عمل المسيح على الصليب، تواصل معنا اليوم.